الهجرة غير الشرعية: التداعيات الأمنية واستراتيجية المواجهة
د. محمد بنسعيد
أستاذ زائر بكلية الحقوق الدار البيضاء – عين الشق، وباحث بمركز دراسات الدكتوراه “القانون والاقتصاد”، كلية الحقوق أكدال، الرباط، جامعة محمد الخامس، المملكة المغربية.
مقدّمة:
شكلت الهجرة موضوع جدل ونقاش كبيرين كثيرا ما طرح على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، مستقطبا بذلك اهتمام السلطات العمومية والمجتمع المدني والباحثين والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة مع التزايد الكبير لعدد المهاجرين غير مختلف أنحاء العالم الذي وصل سنة 2017 إلى حدود 258 مليون مهاجر، أي مـا يمثـل 4.3 فـي المائـة مـن سـكان العالـم، بالإضافة إلى 740 مليون مهاجر على المستوى الداخلي، بعدما كان العدد حسب تقديرات الأمم المتحدة سنة 2009 ما يقارب 214 مليون شخص مهاجر في العالم أو ما يقارب 3% من سكان العالم، ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن يكون ما بين 235 و 415 مليون مهاجر في العالم، وتعكس أعداد المهاجرين في المستقبل الاتجاهات الإقليمية للنموّ السكاني، يتركّز ما يقارب 98% من النموّ السكاني المتوقّع في السنوات القادمة في المناطق الأقل تطورا، ولا سيما في الصحراء الكبرى لجنوبي إفريقيا وجنوبي آسيا. لذلك، فمن المرجّح أن تزداد الهجرة فيما بين دول الدخل المنخفض، ومع ذلك تعكس التوقّعات المرتبطة بزيادة تدفقات الهجرة أيضا التحولات الديمغرافية الكبرى نتيجة التغير المناخي، والتحضر، والشيخوخة، والصراعات المسلّحة وعدم الاستقرار السياسي، وزيادة الفرص.
بالمقابل، كرَّست الصورة النمطية التي تتناقلها وسائل إعلام وأقطاب سياسية )خاصة اليمين المتطرف(، في أوروبا أساسا، حول الهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر وتزايد عدد الوفيات المسجلة في صفوف المهاجرين غير النظاميين في عرض البحر على الرغم من الأزمة الصحية التي أفرزتها جائحة [1]Covid-19، الانطباع بأن الهجرة الإفريقية موجَّهة بشكل رئيسي نحو القارة العجوز[2]، وتشكل خطرا يهدِّد السكان المحليين. وتغذّي هذه الأحكام المسبقة مظاهر الرفض التي تفضي إلى ظواهر تمييزية، بل إلى إذكاء العنصرية وكراهية الأجانب.
– أهمية الموضوع :
إذا ما تناولنا الهجرة من شقّها الاجتماعي، نجد أنها تعتبر واحدة من الظواهر الاجتماعية القديمة، وأنها ارتبطت بمجموعة من الأسباب منها ما هو اجتماعي كالبطالة والنموّ الديمغرافي، ومنها ما هو اقتصادي والمتمثلة أساسا في التفاوت الصارخ في المستوى المعيشي الموجود بين دول الانطلاق ودول المقصد، ومنها ما هو سياسي وأمني، كحالات الحرب والثورات والنزاعات العسكرية والنزعة المفرطة للتسلّح نتيجة تغلغل بعض القوى الصاعدة في القارة السمراء، كحالة تركيا في إفريقيا في ضوء نموّ وجود الشركات التركية في إفريقيا، والخطة الاستراتيجية لرئاسة صناعات الدفاع التركية عن الفترة 2023-2019 في الرابع من ديسمبر 2019، والتي أعلنت عن هدف زيادة المكوّن المحلّي لصناعات الدفاع التركية إلى 73% وتصدير سلاح بقيمة 10.3 بليون دولار بحلول العام 2023[3]، إضافة إلى العوامل الطبيعية كالتصحّر والجفاف وغيرها.
أما من الناحية القانونية التي تعنينا أكثر، ورغم أن حرية التنقّل كحقّ تكفله المادّة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكلّ فرد مهما اختلف جنسه أو جنسيته، أضحت العديد من الحكومات تنحو منحى تجريم فعل الهجرة في قوانينها ومن ضمنها المغرب، مميّزة بين نوعين؛ أحدهما (هجرة شرعية) تتماشى مع الشروط والإجراءات التي تضعها، والآخر (هجرة غير شرعية) تعرّض صاحبها للجزاء بمعيّة شبكات تهريب المهاجرين، والتي درج فقه القانون الدولي على إدخالها ضمن إطار “الجريمة المنظمة عبر الوطنية” أو “الجرائم العابرة للحدود” (La criminalité transnationale organisée)، كما أن التنسيق بين الدول لمواجهة هذه الجرائم المتنامية بفعل الإمكانات التكنولوجية المتاحة سواء على مستوى النقل أو الإعلام، توّج بصياغة “اتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية” المعروفة باتفاقية باليرمو عام 2000، ذات البروتوكولات الثلاثة؛ الأول يتعلّق بتهريب الأسلحة، والثاني بمكافحة الاتجار بالبشر وبخاصة الأطفال والنساء، أما الثالث فيتناول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.
وانطلاقا من الموقع الجيوستراتيجي للمغرب الذي لم يعد في الوقت الراهن بلدا لانطلاق المهاجرين أو عبورهم فحسب، بل أصبح أيضا بلد استقبال واستقرار، أضحى استقطاب موجات الهجرة من دول جنوب الصحراء تحديدا، وطالبي اللجوء من الدول التي تشهد صراعات وحروب، أمرا حتميا لا مفرّ منه، يفرض تحديات متعدّدة الأبعاد.
وأصبحت قضیة اللجوء من القضایا الهامة المطروحة على الساحة الدولیة نظرا لأبعادها السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة…، ولعل التزاید العددي الهائل لطالبي اللجوء، یخفي وراءه تنوّع وتعقّد أسباب اللجوء، حیث لم یعد یقتصر على الأشخاص المهدّدین بسبب آرائهم أو انتمائهم العنصري أو الجنسي….، بل هناك لاجئین لأسباب اقتصادیة وحتى لاجئین أطفال، وأصبح العالم أمام موجة جدیدة لا ینظمها القانون الدولي بشكل دقیق[4].
أهداف الدراسة :
تتجلى أهمية هذه الدراسة في تسليط الضوء على واحدة من أهم القضايا المعاصرة المرتبطة بظاهرة الهجرة، خصوصا مع ارتفاع معدلاتها حينما تتّخذ الصور غير النظامية، وسوء تفسير لدوافعها، وجهل الانتفاع بعوائدها على المستوى المحلي للدول، مما يزيد نسبة الهدر في جهود التنمية البشرية والاقتصادية، ويفتح أبوابا أخرى للهجرة غير النظامية والمتاجرة بالأشخاص، خاصة إذا تعلّق الأمر بفئتي الأطفال والنساء. لذلك، فالضرورة ملحّة لتبني مقاربة حديثة وبلورة سياسات مغايرة في مجال الهجرة، تضمن الحقوق وتكون مطبوعة بفلسفة عصر حقوق الإنسان.
إشكالية الدراسة:
أمام كلّ هذه المعطيات الدولية، وما أحدثته من تغيرات كمية ونوعية على منظومة الهجرة في تعددية دوافعها، واختلاف أسبابها، وتنوّع فاعليها الاجتماعيين، وما تطرحه من انعكاسات تؤثر في وضعيات الأفراد، وكذلك في وضعيات الأنساق الاجتماعية الكبرى بين دول الشمال ودول الجنوب بمنطقة البحر الأبيض المتوسط. فهل من عقلانية الطرح، ومنطقية الخطاب، الاستمرار في إنتاج وإعادة إنتاج نفس المقاربات التقليدية التي تهيئ قوالب جاهزة لدراسة الهجرة ببحث أسبابها، ومناقشة نتائجها السلبية في استنزاف الرأسمال البشري، أم أن الوضع أصبح أكبر من ذلك، وأعمق من هذه الصورة التي تطرح نوعا من التحليل الأحادي، والنظرة الاختزالية لكثير من الجوانب، لتفرز بديلا آخر يقوم علی مقاربة أکثر حداثة. من هذا المنطلق، جاءت هذه الدراسة لتبحث إشكالية العلاقة الجدلية الترابطية بين الهجرة والاندماج وفق التجربة المغربية في الفضاء المتوسطي، ومقاربة تقنين مسألة الهجرة من زاوية متعددة الأبعاد، محاولين الإجابة على إشكال جوهري يتمحور حول مدى كفاية الترسانة القانونية والمؤسساتية في التوفيق بين المرجعية الكونية ذات البعد الحقوقي-الإنساني والخصوصية المحلّية وما تفرضه من سياسات احترازية-وقائية.
فرضيات البحث :
تستند هذه الدراسة على فرضية مقترحة، يمكن القول معها بأن تدبير ملف الهجرة يقتضي انخراط الجميع، فالمهاجرون الأفارقة بالتحديد يتقاطرون على الحدود المغربية، في مسعى للانتقال إلى أوروبا عبر إسبانيا، وفي ظل التشدد الأمني الإسباني في مراقبة حدودها مع المغرب، والتنسيق بين الرباط ومدريد في محاربة تدفّق المهاجرين، تحوّل المغرب إلى أرض إقامة، بدل أن كان في السابق أرض عبور، وهو رهان صعب يقتضي تسوية أوضاع هؤلاء ورعاية شؤونهم على جميع الأصعدة.
المناهج المعتمدة :
تندرج هذه الدراسة في دائرة الدراسات الوصفية التحليلية، التي تتضمن وصف وتحليل وتفسير الظروف المختلفة التي تحيط بالظاهرة، والتي تستدعي ضرورة تبنّي مقاربة حديثة تقوم على فلسفة حقوق الإنسان وتبني سياسات حسن الجوار. كما أن تشعّب ردهات البحث في موضوع الهجرة يفرض علينا الاستعانة بمناهج موازية من قبيل المنهجين النقدي والتاريخي.
خطة البحث :
لمقاربة الإشكال المركزي المطروح، تقتضي طبيعة الموضوع المتعدّد الرؤى والزوايا، تناوله من خلال محورين إثنين، نعالج في الأول سياسة الهجرة واللجوء كوجه من أوجه القوة الناعمة للمغرب، قبل أن نعرّج على الترسانة القانونية-المؤسساتية للمغرب المؤطرة للهجرة بين الالتزامات الدولية والمصالح الوطنية في الشقّ الثاني.
المطلب الأول: سياسة الهجرة واللجوء كوجه من أوجه القوة الناعمة للمغرب
أصبحت السياسة التي ينهجها المغرب، منذ شتنبر 2013 في مجال اللجوء والهجرة، وجها لامعا من أوجه القوة الناعمة للمملكة، أكسبتها إشعاعا أفريقيا ودوليا بفضل تغليبها البعد الإنساني في التعاطي مع المهاجرين وقضاياهم.
ولتفعيل هذه السياسة الجديدة التي انخرط فيها المغرب تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تمت بلورة الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء المصادق عليها من طرف المجلس الحكومي بتاريخ 18 دجنبر 2014، والتي ترتكز على المقاربة الإنسانية والشمولية، واحترام حقوق الإنسان، والانسجام مع القانون الدولي، والتعاون متعدّد الأطراف، والمسؤولية المشتركة. وعليه، نعالج في هذا المحور، الخطوط العريضة لسياسة المغرب من خلال تسليط الضوء على الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء (أولا)، على أن نتطرق بعدها إلى الأبعاد الرامية لحماية المهاجرين (ثانيا).
أولا : الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء –السياق العام، الرؤى والمبادئ الموجّهة-
قبل الخوض في الخطوط العريضة لهذه الإستراتيجية، لابد من ضبط مفاهيمي للمصطلحات، على اعتبار أن لفظتي “لاجئ” و “مهاجر” كثيرا ما تستخدمان بالتبادل لدى العامة، على الرغم من الفوارق الجوهرية بين المصطلحين، فأمام عدم وجود تعريف متّفق عليه قانونا، تصف الأمم المتحدة المهاجر على أنه: “شخص أقام في دولة أجنبية لأكثر من سنة، بغض النظر عن الأسباب سواء كانت طوعية أو كرهية، وبغض النظر عن الوسيلة المستخدمة للهجرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية“. والصور التي يأخذها المهاجر إما أن يكون عامل حدود، عامل موسمي، ملاّح، عامل على منشاة بحرية، عامل متجوّل، عامل استخدام محدّد، عامل لحسابه الخاص، ويتمّ التمييز دائما بين العامل النظامي والعامل غير النظامي، أي المهاجر الذي يوجد في وضعية غير نظامية بالنسبة لدولة العمل[5]. أما اللاجئ، وفقا لاتفاقية 1951 بشأن اللاجئين، فيُعرّف على أنه كل شخص “يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرّر من التعرض للاضطهاد، لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظلّ بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك.“
وقد قطع المغرب خطوات مهمة في مجال الهجرة، حيث أصبح رائدا في هذا المجال إقليميا ودوليا، وذلك بعد إعطاء جلالة الملك محمد السادس الضوء الأخضر لسنّ سياسة وطنية جديدة للهجرة خلال سنة 2013، راكم من خلالها المغرب خبرات مهمة، لاسيما بعد انخراطه الفعلي والعملي في تسوية الوضعية القانونية للعديد من المهاجرين، القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، والتي تفيد آخر الإحصائيات أنه تمت تسوية وضعية أزيد من 50 ألف مهاجر/ة[6]. ويرجع الفضل في هذه الريادة إلى الدعوات المستمرة والتأكيد المتكرر لجلالة الملك محمد السادس على موضوع الهجرة، الذي ظل يتابعه عن كثب منذ عام 2013، في العديد من المناسبات الرسمية[7].
ويثمّن العديد من المراقبين والمسؤولين إستراتيجية المغرب في مجال الهجرة، التي أطلق عليها إسم “الإستراتيجية الإنسانية”، على اعتبار أنها تهدف إلى تعزيز حماية حقوق المهاجرين واللاجئين بالمغرب، لذا فلا غرابة أن تحظى بتنويه من لدن العديد من البلدان الإفريقية التي أعربت عن دعمها وانخراطها الكامل في هذه الدينامية التي أطلقها المغرب. وفي سياق متّصل، حظيت المبادرة الملكية الإنسانية، بتقدير خاص من الاتحاد الأوروبي، وقادة الأمم المتحدة (الأمين العام للأمم المتحدة والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)، نظرا لتعاملها الإيجابي مع موضوع الهجرة. وكان المغرب خلال عهد جلالة الملك محمد السادس، من بين الدول التي انخرطت في معالجة موضوع الهجرة بشكل إنساني وعملي، حيث حاول تقديم مجموعة من الأجوبة الهيكلية لإشكالية الهجرة التي تعتبر ظاهرة قديمة قدم الإنسان فوق هذه الأرض.
ونشير في هذا الإطار، إلى ثناء زعماء أفارقة لإستراتيجية المغرب في مجال الهجرة، إذ سبق لرئيس جمهورية غينيا ألفا كوندي، رئيس مؤتمر القمة التاسع والعشرين لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي المنعقدة بأبيدجان يوليوز 2017، أن قال: “نحن فخورون جدا بالتزام المغرب وريادة جلالة الملك محمد السادس في مجال تدبير شؤون الهجرة”. وزاد ألفا كوندي، كرئيسا للاتحاد الإفريقي عام 2017، منوّها بسياسة جلالة الملك، بالتأكيد على “الاستقبال الذي يخص به المغرب اللاجئين في وقت تطردهم دول أخرى”، وهو الأمر الذي دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى اختيار المغرب كدولة لاستضافة المؤتمر الدولي للهجرة الذي عقد بمراكش يومي 10 و11 دجنبر من سنة 2018، والذي تم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنتظمة، بمثابة التزام جماعي يروم تحسين التعاون في مجال الهجرة[8].
وفي هذا الإطار، تم اعتماد برامج تهدف إلى تحقيق اندماج ناجح للمهاجرين واللاجئين بالمغرب وضمان استفادتهم من الخدمات الاجتماعية الأساسية، وذلك بتنسيق مع مختلف القطاعات والمؤسسات العمومية المعنية بقضايا الهجرة، وتضم هذه البرامج التعليم والثقافة والشباب والرياضة والصحة والسكن الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية والتكوين المهني والتشغيل وتدبير تدفقات المهاجرين ومحاربة الاتجار بالبشر والشراكة والتعاون الدولي والإطار التنظيمي والتعاقدي والحكامة والتواصل.
كما أملت هذه الإستراتيجية الجديدة، والتي راعت كثيرا مضمون المادة 43 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، من أجل ضمان تدبير أفضل لموجات الهجرة في ظل احترام حقوق الإنسان، وتيسير إدماج المهاجرين النظاميين في أفق انضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، تغيرات دولية وإقليمية جعلت من المملكة بلد استقرار وليس بلد عبور فقط بالنسبة لآلاف المهاجرين الذين يتوافدون عليها من عدة بلدان، ومن تم ما فتىء المغرب يشدد على المسؤولية المشتركة بين دول المصدر والعبور والاستقبال، من أجل تدبير أفضل للحركية الإنسانية ووضع مقاربة إنسانية تضع حقوق المهاجر في صلب الأولويات في إطار السياسة الجديدة تم اتخاذ إجراءات إدارية تتعلق بتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين واللاجئين لتمكينهم من الولوج إلى الحقوق الأساسية، خاصة تلك المتعلقة بالصحة والتعليم والسكن والشغل والمواكبة الاجتماعية والقانونية، والمرافق الترفيهية والرياضية إسوة بباقي المغاربة كما هو مبيّن في الشكل أسفله، وهو ما تطلب من المشرع تحيين مجموعة من القوانين، فضلا عن تسوية وضعية واندماج الآلاف من المهاجرين.
(الشكل 1) المبادئ الموجهة للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء وبرامج العمل القطاعية والأفقية الموجهة لفائدة المهاجرين
المصدر : الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، ص 9.
ويعدّ هذا التعاطي الإيجابي مع قضايا الهجرة في المغرب ثمرة لمقاربة تشاركية بين الحكومة والمؤسسات التشريعية والمجتمع المدني في توافق وإجماع لكافة القوى الحية بالمملكة. ولعل أرقام المستفيدين من هذه السياسة الوطنية الجديدة، التي أرادها جلالة الملك، كافية لتوضيح مدى جدية ومصداقية المغرب تماشيا مع التزاماته الحقوقية الوطنية والدولية. فمنذ إطلاق العملية الأولى لتسوية الوضعية الإدارية للأجانب في وضعية غير قانونية سنة 2014، استفاد 23.096 شخصا. وعلى غرار العملية الأولى، طرحت العملية الثانية لتسوية أوضاع المهاجرين في وضعية غير قانونية بتاريخ 12 دجنبر 2016 إلى غاية متمّ السنة، إلى تحقيق نسبة تسوية تبلغ على الأقل 82 بالمائة من الملفات المعروضة، حيث تشير معطيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أنه تم تجميع أكثر من 25.690 طلبا على مستوى 70 عمالة وإقليما، قدمها 58.32 في المائة من الرجال، و32.95 في المائة من النساء و8.73 في المائة من القاصرين إلى غاية نونبر الماضي. كما قررت اللجنة الوطنية للطعون، التي يترأسها رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تشكيل لجنة تقنية تتولى فحص الطلبات المتبقية التي رفضتها اللجان المحلية، والتوصية بتسريع عملية اعتماد القوانين المتعلقة على التوالي باللجوء وإصلاح القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
وبهذا، تكون المملكة المغربية أطلقت عمليتين للتسوية القانونية لوضعية المهاجرين سنة 2014 وأخرى سنة 2016، أسفرت عن تسوية وضعية حوالي 50 ألف حالة، مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء والأطفال، ووضع برنامج لتقوية القدرات للمهاجرين الذين قرروا الإقامة، وإطلاق أوراش لإصلاح الترسانة القانونية المتعلقة بالهجرة، تتعلق بمكافحة الاتجار في البشر واللجوء والهجرة بما يستجيب للسياسة العمومية المغربية الجديدة[9].
وتجدر الإشارة إلى أن الإحصائيات الرسمية، تتباين، وتتناقض، عند مقارنتها بباقي الأرقام، التي تكشف عنها وكالة حماية الحدود الأوروبية الخارجية، “فرانتيكس”، أو جمعيات المجتمع المدني المغربية؛ ومنها: المركز المغربي للحريات والحقوق، وجمعية كوديم، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية ضحايا الهجرة السرية؛ حيث ثبت لها عدم اهتمام مجموعة كبيرة من المهاجرين من الدول جنوب الصحراء بالعملية، وعدم اكتراثهم بها، بل إنهم ينظرون إليها بعين الريبة، ويعتقدون أنها ستثنيهم عن هدفهم الكبير في السفر والهجرة إلى أوروبا .[10]
كما دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقرير صدر عام 2013، الفاعلين المعنيين إلى العمل بشكل مشترك من أجل بلورة وتنفيذ سياسة عمومية فعلية في مجال الهجرة، ضامنة لحماية الحقوق ومرتكزة على التعاون الدولي وقائمة على إدماج المجتمع المدني. وهو التقرير الذي تفاعلت مع الحكومة وقامت بوضع سياسة جديدة في مجال الهجرة تعتمد، وفقا للتوجهيات الملكية، على مقاربة شمولية وإنسانية تلتزم بمقتضيات القانون الدولي وتتبنى التعاون المتعدد الأطراف[11].
وتأتي قرارات اللجنة الوطنية للطعن تماشيا مع السياسة الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء والتي مكنت من فتح مكتب اللاجئين والنازحين، وتعميم الدوريات التي تتيح لأبناء المهاجرين ولوج المدرسة العمومية (التعليم الرسمي وغير الرسمي) واعتماد القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر.
وإلى غاية 2017 نجحت هذه السياسة في إدماج أكثر من 6424 طفل من عائلات مهاجرة مندمجون في النمط المدرسي المغربي، في إطار المنهجية المغربية، كما تم إبرام اتفاقات مع الهلال الأحمر والتعاون الوطني لأخذ وضعية الفئات الهشة وسط المهاجرين، لاسيما النساء والأطفال بعين الاعتبار.
وبالموازاة مع المقاربة الإنسانية الشمولية تجاه المهاجرين، يتبنى المغرب مقاربة أمنية لمحاربة شبكات التهريب والاتجار بالبشر التي تتاجر في معاناة الراغبين في الهجرة واللجوء، إذ تشير أرقام وزارة الداخلية إلى أن المغرب تمكّن في سنة 2017 من تفكيك 80 خلية للاتجار في البشر وإحباط 50 ألف محاولة هجرة غير شرعية.
وبالإضافة إلى تشديد مراقبة الحدود في إطار مقاربة تشاركية بين دول الشمال والجنوب، يشجع المغرب الرجوع الطوعي للمهاجرين في إطار يحترم حقوق المهاجر ويضمن له الاندماج في محيطه الأصلي. وفي هذا السياق، أشرفت المملكة على العودة الطوعية لما يناهز 22 ألف مهاجر.
وفي الوقت الذي اختارت فيه دول أخرى أن تبقي قضية الهجرة رهينة لحسابات انتخابية ضيقة وضحية لخطابات متطرفة، اعتمدت المغرب، بفضل الرؤية المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، خطوة الإدماج كقيمة مضافة وكفرصة للمستقبل، انسجاما مع التزاماتها الحقوقية وطنيا ودوليا. ففي عام 2013 دعا المغرب إلى إنشاء تحالف إفريقي للهجرة والتنمية كأداة للحوار بشأن قضايا الهجرة، إيمانا منه بحرية الإنسان في التنقل والتواصل والعيش الكريم. كما انخرط المغرب في العمل المشترك على مختلف الأصعدة، لاعتماد سياسات متجددة ومقاربات تشاركية مندمجة للتدبير الأمثل لظاهرة الهجرة والتنمية، تحث الدول المستقبلة في إطار سياسة التعاون وحسن الحوار والتشاور، على مراعاة خصوصيات المهاجرين ومساعدتهم على اجتياز صعوبات الاندماج والانخراط في المجتمعات المحتضنة، وكذا التصدي لنزعات الإقصاء والعنصرية والكراهية، ما جعل المغرب وجهة مفضلة للمهاجر على صعيد القارة كما يوضّح الشكل أدناه.
(الشكل 2) رسم بياني للبلدان الإفريقية الرئيسية العشرون من حيث أعداد المهاجرين في العام 2015
المصدر : تقرير الهجرة في العالم لسنة 2018، الصادر عن وكالة الامم المتحدة للهجرة، ص 46
يشير مصطلح “المهاجرون الوافدون” إلى المهاجرين المقيمين في البلد ممن ولدوا في الخارج، أما مصطلح “المهاجرون الخارجون”، فيقصد به الأشخاص المولودون في البلد لكنهم يقيمون خارج بلد مولدهم في العام 2015. وتبوأ المغرب بفضل سياسته في مجال الهجرة واللجوء ريادة قارية[12]، إلى جانب حضوره الوازن بالمنتديات الدولية من أجل تحقيق تفاعل إيجابي مع قضايا الهجرة، كما هو الشأن بالمنتدى العالمي للهجرة والتنمية الذي ترأسه المغرب مناصفة مع ألمانيا سنتي 2017-2018، والذي استضاف دورته الحادية عشرة في شهر دجنبر 2018 بمدينة مراكش.[13]
وما فتىء المغرب يدعّم تنسيق الجهود على المستويين الجهوي والقاري، من أجل تجاوز المقاربة الأمنية الضيقة، في سبيل تبني مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الهجرة في كل أبعادها من خلال المساهمة في إعداد الميثاق العالمي لهجرة آمنة، منظمة ومنتظمة، والذي سيجعل من أولوياته تعزيز البعد التنموي من خلال الأهداف الإنمائية لما بعد 2030[14]، ومناقشة التحديات المرتبطة بالهجرة والتغيرات المناخية.
ثانيا : أبعاد سياسة المغرب لحماية المهاجرين
ظل موضوع الهجرة بالمغرب يشكل دائما إشكالا محرجا يقضّ مضجع الحكومات المتعاقبة لعقود طويلة. فما بين “غضّ الطرف” حينا و “الصرامة الأمنية” حينا آخر، ظلّ معها المهاجرون الأفارقة نكرة في المعادلة المغربية لعقود، مع اعتماد المقاربة الأمنية المحضة. هذه الأخيرة، وجدت مبرّراتها لدى المدافعين عنها في كون العديد من المهاجرين الأفارقة “غير النظاميين” يمارسون أنشطة محظورة يعاقب عليها القانون: السرقة، النصب، ترويج المخدرات، تزوير العملات، التسول، الدعارة. و الهاجس الأمني ليس إلا واجهة للتغطية على هاجس سياسي تلعب فيه الحسابات السياسية دورا هاما في تغييب للهاجس الحقوقي والاجتماعي[15] .فالظاهرة أصبحت ذات أهمیة بالغة ومقلقة للمملكة المغربیة، نظرا للتهدیدات التي تمثلها سواء على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، الأمني والصحي[16].
لكن مع الرؤية الملكية التي بلورت الإستراتيجية الوطنية الجديدة في مجال الهجرة واللجوء، التي تحمل في طياتها أبعاد إنسانية وحقوقية وفق ما سطرته الإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، تغير الأمر بشكل أضحى معه الهاجسان السياسي والحقوقي يحكمان كذلك وضعية الأفارقة في المغرب. وهكذا، كفل دستور المملكة المغربية البعد الحقوقي لسياسة الهجرة و اللجوء، حينما شدّد على الالتزام بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، ونص على منع كل أشكال التمييز على أساس الجنس أو اللون أو المعتقد أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو أي وضع شخصي كان، ومن هذا المنطلق، يجب اعتبار وجود مواطنين من بلدان إفريقية جنوب الصحراء في المغرب، قضية كرامة إنسانية وقضية حق الإنسان في العيش والعمل والاستقرار، ولاسيما حين يفرّ المواطن مكرهاً من أوضاع الفقر والبطالة والمجاعة والحرب والقمع والاستبداد[17].
وتندرج سياسة المغرب في مجال الهجرة، ضمن حسابات مرتبطة بمصالح اقتصادية وسياسية مع الشركاء الأوروبيين في الضفة الشمالية، وبالخصوص مع الجار الإسباني الذي “لم يخرج عن المسار التشريعي العام للهجرة لدى السلطات الإسبانية، إذ عكس هذا القانون مرة أخرى حجم التصلّب في موقفها وبإصرارها على النظرة الأمنية الضيقة في تناولها لملف الهجرة”[18]، أو من خلال تبني الاتحاد استراتيجية لمكافحة الهجرة السرية تعرف ب: “نظام الأحزمة” خارج دول الاتحاد[19]، وبفضل الإستراتيجية التي وضعها المغرب، استطاع أن ينتقل من دور دركي أوروبا إلى شريك فعال لتدبير أزمة الهجرة وتأثيراتها على أوروبا، بحكم أن تواجد المهاجرين الأفارقة في المغرب هو مجرد محطة لمحاولة التسلّل نحو “النعيم” الأوربي، إذ أن هؤلاء ينتظمون ويتوزعون على طول شمال المغرب بمحاذاة الساحل المتوسطي، مع تركيز كبير في طنجة، وبالقرب من مدينتي الناظور وتطوان.[20] ومن هذا المنطلق، يتّخذ التعاون المغربي الإسباني خصوصا، والأوربي عموما، في جانب منه، شكل ضغط غير مباشر على المغرب في موضوع محاربة الهجرة غير الشرعية والمخدرات، حيث يطلب من المغرب أن يكون واجهة وقائية للمساهمة في التخفيف من التداعيات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لملف الهجرة.
كما أن انضمام المغرب لعمقه الإفريقي، كان من بين الأسباب التي جعلت المغرب يتعامل مع ملف الهجرة بإيجابية، نظرا للامتداد التاريخي والجغرافي والجيوستراتيجي للمغرب، مع ما نتج عنه من اعتراف بالهوية المشتركة مع الأفارقة، فلا يعقل أن نتحدث عن المواطنين الأفارقة المقيمين بين ظهرانينا كما لو أنهم قادمون من كوكب آخر. ولكي يحظى تعامل المغرب بالمصداقية لدى دول الجوار وإزاء المنتظم الدولي، فإنه لابدّ من تجاوز منطق الكيل بمكيالين.
وإذا ما تمعّنا في المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء المتواجدين بالمغرب بطريقة قانونية، نلمس لدى هؤلاء رغبة أكيدة في الاندماج، و هي في حد ذاتها عامل ايجابي بالنسبة للمغرب، لكنه يقتضي ملائمة اجتماعية، ويستدعي اتخاذ تدابير إدماجية عملية، في مجال التشغيل والصحة والتمدرس والسكن، وتمكين المقيمين منهم بطريقة شرعية من فرص الشغل، وأسباب الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، وشروط العيش الكريم، وذلك من أجل تحويلهم إلى قوة إنتاجية واقتصادية تساهم في النمو الاقتصادي بالمغرب[21]. وترتكز الرؤية الملكية على إستراتيجية تتشكل من خمس مقتضيات، تكمن في احترام حقوق الإنسان للمهاجرين؛ تعزيز مكافحة الهجرة السرية؛ تشجيع الهجرة القانونية؛ ضمان حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، وكذا التسوية الاستثنائية للمهاجرين غير الشرعيين. ومن أجل الوصول إلى هذه الأهداف النبيلة، عمل المغرب أولا على توقيع عدة اتفاقيات دولية، إلى جانب القوانين الوطنية ذات الصلة بموضوع الهجرة، التي تستدعينا لطرح سؤال أي إطار قانوني مؤطر للهجرة، وأي مؤسسات مواكبة للسياسات العمومية في ذات المجال.
المطلب الثاني: الترسانة القانونية – المؤسساتية للمغرب تجاه مسألة الهجرة
إن سياسة إغلاق الحدود ومراقبتها من البر والجو والبحر التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، بقيت بعيدة عن أن تشكِّل عائقا ماديا يحول بين جحافل المرشحين للهجرة غير النظامية وتحقيق حلم وطموح الهجرة إلى الفردوس الغربي، فظهرت محاولات ناجحة للهجرة، والسفر خارج نقط العبور المعتادة (مطارات وموانئ ومراكز الحدود البرية)، واتخذت مغامرات السفر والهجرة مسارات سرية، ووعرة، وباستعمال وسائل خطيرة، أو عبر معابر نظامية، باستعمال هويّات مزيفة، وهو الشيء المعبَّر عنه تارة، بالهجرة غير الشرعية، وتارة أخرى بغير القانونية، وأحيانًا أخرى بالسرية، أو غير النظامية. وهو ما يفسّر حسب بعض الدراسات، بخارجية المراقبة من خلال مناطق توجد في دول وقارات مختلفة، حيث أن بعض الدول -كما هي حال بلدان المغرب على الخصوص- وكل من يأوي المطرودين والمبعدين، تعتبر فضاءات حدودية[22].
أمام هذا الزخم والتعقيدات القانونية التي تفرضها دول القارة العجوز، وجد المغرب نفسه محاطا بتحديات هائلة جراء تدفّق المهاجرين الأفارقة نحوه، فالضرورة القانونية وحقوق الإنسان والاتفاقيات التي صادق عليها المغرب وضرورة الحفاظ على علاقة جيدة مع الدول الإفريقية، كلّها أمور تضع المغرب أمام خيارات إرساء آليات تروم التوفيق بين الالتزامات الدولية وحفظ السيادة الوطنية. وعليه، سنعالج بشيء من التفصيل الترسانة القانونية-المؤسساتية المؤطرة للهجرة (أولا)، قبل أن نعرّج على خطط العمل ورؤية البلد التي تروم مقاربة ظاهرة الهجرة مقاربة شمولية، وذلك من خلال الإطلاع على مضمون النموذج المغربي في مجال الهجرة المتعدّد الرؤى (ثانيا).
أولا : الترسانة القانونية-المؤسساتية المغربية المؤطرة للهجرة
ينص الدستور المغربي –باعتباره أسمى وثيقة قانونية- على مجموعة من الحقوق دون ربطها بالمواطنة، بل فقط بالشخص مثل مساواة الجميع أمام القانون، حرية التعبير وتأسيس الجمعيات، حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة و الانتماء الجهوي أو اللغوي أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان، بل يذكر الأجانب الذين يتمتعون بحريات أساسية مثل المواطنين، مع مراعاة بعض الشروط، حيث يتمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنات والمواطنين المغاربة، طبقا للمواثيق الدولية المتعارف عليها كونيا، والتي جعلها الدستور المغربي تسمو على القوانين الوطنية. وقد عرف التشریع المغربي في مجال الهجرة تطورا بطیئا لم یستطع مواكبة التحولات الاجتماعیة والاقتصادیة في المنطقة التي یتبوء فیها المغرب بموقع جیوستراتیجي هام وحیوي[23].
وهكذا، وباستقرائنا للقانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة[24]، الذي يعتبر أول نص تشريعي يوحّد مقتضيات الهجرة في نص واحد، نستشفّ حرص المشرع المغربي على تجريم الهجرة غير المشروعة سواء بالدخول أو الخروج، مع حرصه على إرساء الضمانات القانونية والقضائية للأجانب. وفي هذا الصدد، جاء على لسان السيد مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، أن هذا القانون جاء نتيجة تصاعد الهجرة السرية، وما أصبحت تطرحه الهجرة من إشكالية صعبة لها انعكاسات دولية على مستوى علاقات المغرب مع جيرانه الأوروبيين، الأمر الذي استدعى اتخاذ عدة تدابير مهمة لمعالجتها، ويأتي في طليعتها تحيين وتوحيد النصوص التشريعية المنظمة لدخول الأجانب وإقامتهم، وتجميعها في نص قانوني واحد وموحد، ويتعلق الأمر بالقانون رقم 02.03، الذي جاء في روحه متلائما مع الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بمحاربة ظاهرة الهجرة السرية، ومكرّسا لما التزمت به بلادنا في مجال احترام حقوق الإنسان. ولقد جاءت صیغة الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المذكور عامة وشاملة لمجموع المواثیق الدولیة العالمیة المنشأ والتطبیق سواء كانت متعلقة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدین الدولیین المتعلقین من جهة بالحقوق المدنیة، السیاسیة، الاقتصادیة، الاجتماعیة والثقافیة، أو متعلقة بفئة معینة من الناس كالمواثیق المتعلقة بالأشخاص الأكثر عرضة للأخطار، أو خاصة بالتطبیق في حالات معینة كتلك المتعلقة بالنزاعات المسلحة…[25].
أما عن فلسفة هذا القانون، فقد جاء في كتابات أحد الممارسين القانونيين، ما يلي : “إن القانون الحالي يترجم غايتين متكاملتين : الأولى تقوية صرامة المراقبة على دخول الأجانب للمغرب في الحدود، في إطار ما تقتضيه المصلحة الوطنية وحماية البلد من كلّ ما يمكن أن يهدّد أمنها وسلامتها، وبالمقابل الوفاء بالتزامات المغرب اتجاه شركائه الرئيسيين، لاسيما في مجال العمل المشترك الهادف إلى محاربة ظاهرة الهجرة السرية عبر الحدود، سواء على المستوى الوطني أو الدولي – كما ورد في مذكرة تقديم المشروع هذا القانون-. والغاية الثانية، عقلنة إجراءات ومعايير الإقامة بالمملكة المغربية لضمان الأمن القانوني للأجانب الذين يقيمون على ترابنا وملاءمة تشريعنا الوطني مع أحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتزامات وحقوق المهاجرين”[26].
وعليه، تعاقب المادة 52 منه بالحبس والغرامة، كل شخص نظّم أو سهّل دخول أشخاص مغاربة أو أجانب بصفة سریة إلى التراب المغربي أو خروجهم منه، سواء كان ذلك مجّانا أو بعوض، بل شدّد في العقوبة من الحبس إلى السجن والغرامة، إذا ارتكبت تلك الأفعال بصفة اعتیادیة أو من طرف عصابة أو بناء على اتفاق مسبق، وتصل العقوبة إلى السجن المؤبد إذا أدت تلك الأفعال إلى الموت، كما خولت المادة 53 من نفس القانون للمحكمة، حق مصادرة وسائل النقل المستعملة في ارتكاب جرائم الهجرة السریة، أیّا كان نوعها (عامة أو خاصة)، وكذا الأمر بنشر قرارات الإدانة بالجرائد التي تحددها بكیفیة صریحة.
وفي المقابل، حرص المشرع المغربي على حمایة حقوق الأجنبي الذي تم رفض طلبه لدخول المملكة المغربیة، وذلك بموازاة مع ما تنص علیه الاتفاقیات الدولیة لحقوق الإنسان التي صادق علیها المغرب، وعلیه یجب أن تكون قرارات السلطات العمومیة في مواجهة الأجانب متخذة بصفة قانونیة، وتوفر لهم في نفس الوقت ضمانات مسطریة للحفاظ على حقوقهم[27]. ولقد سمحت المادة 8 من القانون 02.03 للأجنبي الراغب في الإقامة بالتراب المغربي، أن یطلب من الإدارة تسلیمه بطاقة التسجیل قابلة للتجدید، وعلیه أن یحملها أو یكون بإمكانه تقدیمها في ظرف ثمانیة وأربعین ساعة، ویمكن أن یقوم مقامها وصل طلب تسلیمها أو تجدیدها، ویعفى من تقدیم طلب الحصول علیها أعضاء البعثة الدبلوماسیة وعائلاتهم والأجانب المقیمین بالمغرب لمدة تسعین یوما بموجب وثیقة صالحة للسفر، وبطاقة التسجیل بمثابة رخصة الأجنبي للإقامة بالمغرب لمدة تتراوح بین سنة واحدة وعشر سنوات، وعلى الأجنبي التصریح بتغییر مكان إقامته للسلطات، وإذا تم رفض تسلیم بطاقة التسجیل أو سحبها، یجب على المعني بالأمر مغادرة التراب المغربي في أجل 15 یوما ابتداء من تاریخ الرفض أو السحب من طرف الإدارة. وقد حددت المادة 17 بعض الأشخاص الذین یمكن أن تمنح هم بطاقة الإقامة بصفة تلقائیة، من قبيل الزوج الأجنبي لمواطنة مغربیة أو الزوجة الأجنبیة لمواطن مغربي؛ الطفل الأجنبي من أم مغربیة، والطفل عدیم الجنسیة عن أم مغربیة الذي لا یستفید من أحكام البند الأول من الفصل السابع من ظهیر 6 شتنبر 1958؛ الأجنبي الذي یكون أبا أو أما لطفل مقیم وموجود بالمغرب ومكتسب الجنسیة المغربیة؛ الزوج والأطفال القاصرین لأجنبي حامل لبطاقة الإقامة؛ الأجنبي الذي حصل على صفة لاجئ؛ والأجنبي الذي أثبت بأي وسیلة من الوسائل أن مكان الإقامة الاعتیادیة هو المغرب، منذ أكثر من خمس عشرة سنة.
وبخصوص باقي مقتضيات النسق القانوني المغربي ذات الصلة بالموضوع، فإن المشرّع الجنائي يعاقب على التمييز والتحريض عليه، ويعتبر تمييزا كلّ تفرقة على أساس الأصل الوطني أو اللون أو بسبب الانتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو لأمة أو لسلالة أو لدين معيّن. وتجدر الإشارة إلى أن الضمانات القانونية المنصوص عليها في القانون الجنائي، يتمتّع بها المواطن المغربي والمهاجر على حد سواء، في حالة المسّ بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية، أو رفض أو إهمال الاستجابة لطلب يرمي إلى إثبات حالة اعتقال تحكّمي غير مشروع، سواء في الأمكنة أو المحلات المخصّصة للاعتقال أو في أي مكان آخر.
أما القانون رقم 65.99 المتعلّق مدونة الشغل[28]، فقد جاء في تصديره، الفقرة 11، ما يلي: “واحتراما للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور لعالم الشغل علاوة على مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، وخاصة المتعلقة بحرية العمل والممارسة النقابية، وحق التنظيم والتفاوض، وحق المبادرة والملكية، وحماية المرأة والطفل”، ويكرّس هذا الاحترام للحقوق المتعارف عليها كونيا، ما ورد في ديباجة مدونة الشغل، الفقرة 12، من أنّ : “تشمل الحقوق التي يصونها هذا القانون ويضمن ممارستها داخل المقاولة وخارجها، الحقوق الواردة في اتفاقيات العمل الدولية المصادق عليها من جهة، ومن جهة أخرى، الحقوق التي تقرها الاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية التي تتضمن بالخصوص:
– الحرية النقابية والإقرار الفعلي لحق التنظيم والمفاوضة الجماعية؛
– منع كل أشكال العمل الإجباري؛
– القضاء الفعلي على تشغيل الأطفال؛
– منع التمييز في مجال التشغيل والمهن؛
– المساواة في الأجر”.
ومما تجدر الإشارة إليه والحال ذُكر، أنّ المغرب يعدّ ثاني بلد صادق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم[29]. كما يعتبر من البلدان القلائل التي صادقت على الصكوك الأساسية لمنظمة العمل الدولية المتصلة بموضوع الهجرة. ويتعلق الأمر بالاتفاقية رقم 97 بشأن العمال المهاجرين-مراجعة-[30]، والاتفاقية رقم 143 بشأن الهجرة في أوضاع اعتسافية وتعزيز تكافؤ الفرص والمعاملة للعمال المهاجرين، المسماة اتفاقية العمال المهاجرين -أحكام تكميلية-[31].
وتنص مدونة الشغل على حظر التمييز بشكل صريح وواضح، حيث أكدت مقتضيات المادة 478 على أنه : “يمنع على وكالات التشغيل الخصوصية كل تمييز يقوم على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو الأصل الوطني، أو الأصل الاجتماعي، من شأنه المس بمبدأ تكافؤ الفرص والمعاملة في ميدان التشغيل”.
لكن المادة 416 من ذات المدونة، تنص على شرط الجنسية المغربية في الأعضاء المكلّفين بإدارة وتسيير النقابات المهنية، وهو ما يتعارض مع المادة 40 من الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، التي نصّت على أنه : “يكون للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحق في تكوين الجمعيات ونقابات العمال في دولة العمل لتعزيز وحماية حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المصالح”.
وبفضل مستجدات قانون الجنسية[32]، وبمنطوق الفصل 10 المتعلّق باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الزواج ، “يمكن للمرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي بعد مرور خمس سنوات على الأقل على إقامتهما معا في المغرب بكيفية اعتيادية ومنتظمة أن تتقدم أثناء قيام العلاقة الزوجية إلى وزير العدل بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية”. مع التوجّه إلى “توسيع حق اكتساب الجنسية المغربية، ليشمل الأجانب المتزوجين بمغربيات”، من خلال تعديل الفصل 10 المذكور على لسان السيدة بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية ورئيسة الوفد المغربي، خلال مشاركتها في النشاط الموازي رفيع المستوى حول “تعزيز المساواة بين الجنسين في قوانين الجنسية”، ضمن فعاليات الدورة الـ62 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة، المنعقدة بنيويورك خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 23 مارس 2018، والتي تتمحور حول “التحديات والفرص لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات القرويات”، حيث صرّحت بأن :”المغرب يجتهد، بكل جدية، لمنح المرأة المغربية حقّ تمرير جنسيتها لزوجها غير المغربي”، مضيفة أن “الحدود بين الدول لا يجب أن تحرم الأفراد من التمتع بحمل جنسية البلد الذي يقطنون به”.
هذا الأمر الذي يتّفق تماما مع القانون رقم 79.14 المتعلّق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز[33]، يتناسق مع روح دستور 2011 الذي ينصّ على أن الرجل والمرأة، يتمتعان “على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”، في ظل ملاحظات جانب من الفقه همّت عدم التزام الإصلاح المحدث سنة 2006 بفكرة المساواة بين الذكر والأنثى في مضمار الزواج المختلط، إذ بقي هذا الأخير على حالته التي وجد عليه سنة 1958، أي باعتباره مصدرا للجنسية المغربية المكتسبة بالنسبة للمرأة الأجنبية المتزوجة من رجل مغربي دون الرجل الأجنبي المتزوج من إمرأة مغربية[34].
ورغم هذه القوانین، إلا أن مهتمین بالظاهرة یرون أن سن تدابیر قانونیة وإداریة وحدها، غیر كافیة لتقلیص نسبة الهجرة غیر الشرعیة، فالذي یقرر المغامرة والرمي بنفسه في البحر واضعا خيار الحياة أو الموت بین عینیه، صعب إقناعه بالقانون أو العقوبات الناتجة عن القیام بذلك، والفاقدون للآمال في الحیاة لن یدفعهم القانون إلى التراجع عن فكرتهم، باستثناء إذا كانت هناك تدابیر موازیة تتعلق بتحسین ظروف العیش و توفیر فرص الشغل و الخدمات الاجتماعیة لعامة المواطنین[35].
أما ما يخصّ الإطار المؤسساتي الخاصّ بشؤون الهجرة، فقد عملت المملكة المغربیة على إنشاء مجموعة من المؤسسات الرسمیة لحقوق الإنسان بصفة عامة والمهاجرین غیر النظامیین بصفة خاصة، وإلى جانب بعض المؤسسات غیر الرسمیة الوطنیة المهتمة بالدفاع عن حقوق المهاجرین.
فبالنسبة للمؤسسات الرسمية، ومن دون الخوض في مجلس الجالیة المغربية بالخارج مادام نطاق دراستنا يهمّ أساسا المهاجرين صوب المغرب، جاء إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في سیاق الإصلاح الدستوري الذي شهده المغرب سنة 2011، لتكریس دولة الحق والقانون والمؤسسات، ولیحلّ محلّ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. ویعتبر هذا المجلس “مؤسسة وطنیة تعددیة مستقلة، تتولى النظر في القضایا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحریات وحمایتها، وضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وصیانة كرامة وحقوق وحریات المواطنات والمواطنین، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعیات الوطنیة والكونیة في هذا المجال” (الفصل 161 من الدستور المغربي لسنة 2011).
وفی ما یتعلق بموضوع الهجرة، أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2013، تقریرا موضوعاتیا حول وضعیة المهاجرین واللاجئین بالمغرب تحت عنوان “الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سیاسة جدیدة في مجال اللجوء والهجرة”، قدّم من خلاله تشخیصا عاما للمهاجرین بالمغرب، وأكد على وجود انتهاك حقوق الإنسان من طرف السلطات المغربیة في حق المهاجرین الأفارقة جنوب الصحراء بصفة خاصة، وحثّ الحكومة المغربیة على ضرورة وقف هذه الانتهاكات، واعتماد سیاسة جدیدة في مجال الهجرة واللجوء ترتكز على حقوق الإنسان وإشراك المجتمع المدني.
أما المؤسسات غیر المنصوص علیها في الدستور التي تدافع عن حقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق المهاجرین بصفة خاصة، سواء تعلق الأمر منها بالمهاجرین الأجانب أو المغاربة المهاجرین للخارج، فتهمّ بالأساس المندوبیة الوزاریة لحقوق الإنسان، والجمعیات غیر الحكومیة المهتمة بحقوق الإنسان كالجمعیة المغربیة لحقوق الإنسان.
فالمندوبیة الوزاریة المكلّفة بحقوق الإنسان[36]، كهیئة حكومیة مهمتها إعداد وتنفیذ السیاسة الحكومیة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، بالتنسیق مع القطاعات الوزاریة والهیئات المعنیة، تعمل وفق المادة الخامسة من المرسوم المحدث لها، على :
- إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وذلك بتنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية وكل الهيئات المعنية؛
- · اقتراح تدابير من شأنها ضمان تنفيذ الاتفاقيات الدولية، التي صادقت عليها المملكة والمتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني؛
- مباشرة جميع المهام التي من شأنها التشجيع على احترام حقوق الإنسان في إطار تنفيذ السياسات العمومية؛
- ضمان مهمة إنجاز التقارير باستشارة دائمة مع الأطراف الشريكة.
أما الجمعیة المغربیة لحقوق الإنسان التي تأسست سنة 1979 بمبادرة من بعض المناضلین السیاسیین المنخرطین في الدفاع عن حقوق الإنسان، فهي منظمة مستقلة، وتعتبر من أهم الجمعیات غیر الحكومیة بالمغرب. ویحدد الفصل الثالث من النظام الأساسي للجمعیة دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان، إذ ینصب دورها على ضمان احترام الحریات الجماعیة والفردیة والدفاع عن كرامة الإنسان وإدانة كافة الانتهاكات لحقوق الإنسان والدفاع عن ضحایاها.
ثانيا : مضمون النموذج المغربي في مجال الهجرة المتعدّد الرؤى
يمكن الاعتراف بأن النموذج المغربي في مجال الهجرة يعتبر خطوة جريئة على مستوى تعزيز انخراط المغرب في العمل من أجل تقديم أجوبة هيكلية لإشكالية الهجرة، وفقا لمقاربة إنسانية تضع البعد الحقوقي في جوهر السياسية الوطنية، وطبقا لمقتضيات الدستور والقانون الدولي والالتزامات الدولية للمغرب، ويندرج في إطار مسار استراتيجي حقيقي وضعه المغرب في إطار توجهه نحو تفعيل التعاون جنوب جنوب، وتعزيز علاقاته العريقة مع إفريقيا، وتأكيد التزامه الدائم من أجل التنمية وتعزيز السلام والأمن، والنهوض بالعمل الإنساني في إفريقيا، كما توج ذلك بعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي وإطلاق عدد من المشاريع الاقتصادية بدول إفريقية.
ويشكل الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والنظاميةوالمنتظمة، المعروف أيضا باسم ميثاق مراكش، المتمخّض عن المؤتمر الحكومي الدولي الذي احتضنته المدينة الحمراء، خلال الفترة من 10 إلى 11 ديسمبر 2018، كثمرة امتدت ل18 شهرا من النقاشات المكثفة، أرضية خصبة للتعاون الدولي، لكونه اتفاقية تم التفاوض بشأنها بين الحكومات وإعدادها برعاية الأمم المتحدة، تعالج جميع أبعاد الهجرة الدولية بطريقة كلية وشاملة، والذي أقرته الجمعية العامة من خلال تصويت 19 ديسمبر 2018، بواقع 152 بلداً لصالح القرار بالتصديق عليه، وتصويت الولايات المتحدة والمجر والتشيك وبولندا ضده، مع امتناع 12 دولة عن التصويت.
وفي ذات الرؤية، اعتبرت الممثلة الخاصة للأمين العام الأممي المكلفة بشؤون الهجرات الدولية والأمينة العامة للمؤتمر، السيدة لويز أربور، على هامش ختام هذا المؤتمر الحكومي، أن ميثاق مراكش سيظل مرجعا لكل المبادرات المتعلقة بحركية البشر عبر الحدود، معبرة عن الامتنان العميق للمغرب على الحفاوة والتزامه الدائم لفائدة قضية الهجرة، مضيفة أيضا أن هذا الميثاق يبرهن على أن الخصوصيات والانشغالات الوطنية والإقليمية يمكن دائما تدبيرها والتوفيق بينها، وموضحة أنه وللمرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة، تمكنت الدول الأعضاء من معالجة قضية كانت دائما تعتبر مستعصية، وذلك بفضل تضافر الجهود الدولية.
وارتباطا بالسياسات العمومية، وجوابا على سؤال متعلق برؤية المغرب في مجال الهجرة بمجلس النواب يوم الإثنين 29 أكتوبر 2018، أشار رئيس الحكومة إلى أنّه : “بتوجيهات ملكية سامية، قامت الحكومة ببلورة سياسة وطنية جديدة في مجال الهجرة واللجوء، تندرج في عمق التحولات الشاملة التي تعرفها بلادنا، كما تعتبر تتويجا للالتزامات الدولية للمملكة في مجال حقوق الإنسان، والمبنية على مقاربة إنسانية ومسؤولة في منهجيتها، قائمة على التعاون والشراكات مع جميع الأطراف الوطنية والدولية المعنية”[37].
وأوضح رئيس الحكومة أن هذه السياسة تهدف إلى ضمان حقوق المهاجرين واللاجئين وتحسين اندماج القانونيين منهم داخل المجتمع المغربي، انسجاما مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي التزم المغرب باحترام بنودها، إذ تم تنزيلها عبر 11 برنامجا (1- التربية والثقافة؛ 2- الشبيبة والترفيه؛ 3- الصحة؛ 4- السكن؛ 5- المساعدة الاجتماعية والإنسانية؛ 6- التكوين المهني؛ 7- التشغيل؛ 8- تدبير تدفقات المهاجرين ومحاربة الاتجار في البشر؛9 – التعاون والشراكات الدولية؛ 10- الإطار القانوني وإطار الاتفاقيات؛ 11- الحكامة والتواصل)، و81 عملية همّت إجابات متجددة للتحديات التي تطرحها قضية الهجرة على المستوى الإنساني والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، كما هو مبيّن في الشكل (3) أدناه، علما أنه تم إيداع أكثر من 28 ألف طلب تسوية لإدماج الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني فوق التراب الوطني، وحظي ما يقرب من 20 ألف طلب بالموافقة. كما لفت رئيس الحكومة إلى تمكين هؤلاء المهاجرين واللاجئين من الولوج إلى الخدمات العمومية، كالتعليم والصحة والسكن الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية والإنسانية والحماية القانونية والتكوين المهني والشغل، شأنهم في ذلك شأن المغاربة، وذلك بتنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية، وبشراكة مع جمعيات المجتمع المدني، إلى جانب تحديث الإطار التشريعي والتنظيمي المتعلق بالهجرة، ومعالجة إشكاليات الهجرة غير النظامية.
(الشكل 3)جدول تفصيلي للبرامج والأهداف المنصوص عليه في الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء
المصدر : الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، ص 10 و11.
وممّا يزكّي وضع المغرب المتميّز في تعاطيه مع مسألة الهجرة واللجوء، ما أكدته تقارير سابقة من مؤسسات ذات مصداقية، إبان دراسات الحالة في الجزائر، ومصر، والمغرب، وموريتانيا، والسودان، وتونس، أثناء التطرّق للأوليات في مجال الهجرة، حيث أشارت إلى ما يلي : “وبخصـوص النهـوض بحقـوق الأجانـب أو المهاجريـن الأجانـب، اعتمـدت البلـدان علـى نصـوص قانونيـة ذات الصلـة، وبالتالـي أصبحـت حقـوق المهاجريـن تدبيـرا ذا أولويـة، مـن الناحيـة الواقعيـة، لاسـيما منـذ أحـداث الربيــع العربــي. ومــع ذلــك، فيمــا يخــص الإجابــات عــن الاســتبيان، كان المغــرب هــو البلــد الوحيــد الــذي يشــير إليهــا صراحــة. وتظــل الهجــرة دائمــا قضيــة حساســة، إذ جعلــت تداعيــات الأزمــة الاقتصاديــة مــن المهاجريـن أهدافـا سـهلة المنـال. وفـي هـذا السـياق، يتعيـن علـى الـدول مـن الآن فصاعـدا، إلـى جانـب ضمـان تدبيـر فعـال للحـدود، أن تضـع برامـج فعالـة وشـاملة للهجـرة الدوليـة، تعمـل علـى إدمـاج التنميـة واحترام حقوق الانسان”[38].
خاتمة :
یمثل الاتفاق العالمي للهجرة فرصة تاریخیة لتحسین التعاون الدولي في مجال الهجرة، وتعزیز مساهمة المهاجرین والهجرة في التنمیة المستدامة. وعلى الرغم من أنها غیر ملزمة قانونا، إلا أن الاتفاق یحدد إطارا تعاونیا لإدارة الهجرة بشكل أفضل على المستویات المحلیة والوطنیة والإقلیمیة والعالمیة. وهو یجمع المبادئ والحقوق والالتزامات من صكوك القانون الدولي القائمة المتعلقة بالهجرة، ویحدد الممارسات في جمیع مجالات الهجرة بصورة أفضل. هذا الاتفاق المتألف من 23 هدفا ترمي لتحسین إدارة الهجرة على المستویات المحلیة والوطنیة والإقلیمیة والعالمیة. وبات من المؤكد أن القضاء على هذه الظاهرة في شقها غير النظامي سیكون مستحیلا ما لم یتم القضاء على كل الأسباب الرئیسیة التي تسبب الهجرة، عبر اتخاذ خطوات جادة للحد من البطالة والحد من القصور في التنمیة بما یقلل الفجوة التنمویة بین الضفتین.
ومن هذا المنطلق، وتفاعلا مع كل المستجدات التي تعرفها إشكالیة الهجرة بالمغرب، سیتم إعطاء الخلاصات التالیة:
– العمل على تجويد وتطوير القانون رقم 02-03؛ من خلال إصدار مستجدات متمّمة أكثر جرأة ومناصفة؛
– ضمان حق المهاجرین الموجودین في وضعیة غیر نظامیة في حالة توقیفهم، أو وضعهم رهن الاعتقال الاحتیاطي أو تقدیمهم للمحاكمة العادلة؛
– تعدیل بعض المواد من القوانین الوطنیة ذات الصلة بحقوق المهاجرین لكي تتلاءم مع الاتفاقیات الدولیة التي صادق علیها المغرب؛
– ضمان حق المهاجرین في اللجوء عند الاقتضاء إلى مفتشیة الشغل.
كما نهيب الفاعلين الدوليين وواضعي السياسات العمومية، العمل على تبنّي توصيات الإعلان الختامي للمؤتمر الوزاري الثامن للحوار 5 + 5 حول الهجرة والتنمية، الذي استضافته مراكش، يومي1 و2 مارس 2020، خصوصا تلك المتعلّقة بالهجرة والتنمية، وإدماج المهاجرين، من قبيل :
– تنمية التعاون الثلاثي بين بلدان أوروبا والمغرب العربي وغرب إفريقيا، لاسيما في مجالات التدريب والتنقل المهني والنهوض بالهجرة من أجل تنمية وإعادة إدماج المهاجرين بصورة مستدامة؛
– اتخاذ إجراءات لتعزيز التنمية المستدامة لبلدان المصدر والعبور، التي لا يمكن إنكار تأثيرها على الهجرة، والتأكيد على دعم تنفيذ البرامج الهادفة إلى تنمية المناطق ذات الإمكانات الكبيرة في الهجرة، وخلق فرص العمل داخلها؛
– تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر وإنشاء المقاولات على المستوى المحلي لإتاحة فرص الشغل للشباب في بلدانهم الأصلية؛
– تشجيع إدماج الهجرة في استراتيجيات التنمية القطاعية لبلدان المنطقة، وخلق تآزر بين المهاجرين والسلطات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لإقامة مشاريع التنمية على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، في بلدان المنشأ والعبور؛
– العمل على ضمان معاملة منصفة للمهاجرين الموجودين في وضع نظامي داخل البلد المضيف، والحفاظ على كرامتهم وضمان احترام حقوق الإنسان، لا سيما في ما يتعلق بمكافحة جميع أشكال التمييز والعنصرية وكره الأجانب، وكذلك المساواة في الحصول على الخدمات الاجتماعية والتدريب المهني و كذا ما يتعلق بقانون الشغل للمهاجرين النظاميين، ونقل استحقاق الحقوق، من خلال إبرام الاتفاقيات والتصديق عليها؛
– تعزيز التعاون في مجال منع الهجرة غير النظامية ومراقبة الحدود وإنقاذ المهاجرين في البحر وإعادة استقبال المهاجرين في بلدانهم الأصلية، في سياق مقاربة شاملة تحترم حقوق الأفراد، وفقا للقانون والاتفاقيات القائمة، وبالتشاور مع بلدان المصدر.
وخلاصة القول، إن المقاربة المغربیة لقضایا الهجرة لا ینبغي أن تكون ذریعة قد تستعملها بعض دول الجوار لإغراق المغرب بالمهاجرین، لذلك وجب التوفیق بین متطلبات الاستقرار وإمكانیات البلاد التي تبقى محدودة ومقاربة تحترم حقوق الإنسان.
لتحميـل الدراسـة كاملـة
[1]– حذّرت المنظمة الدولية للهجرة من أن وسط البحر المتوسط يبقى “منطقة الهجرة الأخطر في العالم، وفي الإطار الحالي ازدادت أخطار حالات الغرق غير المرئية بعيدا من أنظار المجتمع الدولي”. هذا ويخوض عدد متزايد من المهاجرين البحار لبلوغ أوروبا رغم إغلاق القارة موانئها ومنع أي سفينة إنسانية من إجراء عمليات إنقاذ… وفي ظل وباء كوفيد-19، بات البحر المتوسط بمثابة سجن مفتوح يشهد على مأساة بشرية كبرى بحسب تحذيرات منظمات غير حكومية دولية. وصرّح في وقت سابق السيد فنسان كوشتل، المبعوث الخاص للمنطقة الوسطى في البحر المتوسط في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، لوكالة فرانس برس “في حال وقف عمليات الإغاثة البحرية وتباطؤ البلدان في إنقاذ الأشخاص وإنزالهم من السفن، سنجد أنفسنا أمام أوضاع إنسانية خطرة”. للمزيد من التفاصيل: كورونا ينشط الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط ويحوله إلى مقبرة غير مرئية، مقال منشور على الإنترنت من دون كاتب بتاريخ 15.05.2020، تاريخ الزيارة : 01.06.2020 على الساعة 16:35. متاح على الرابط
[2]– وهو ما أكدته جليّا جائحة كورونا، “ففيما تسببت تدابير الإغلاق الصارمة التي فرضتها الحكومة الإيطالية بقلب حياة الكثيرين رأسا على عقب، خلّف الوباء تأثيراته على الدولة الإيطالية بحكم موقعها في حوض البحر الأبيض المتوسط. فأعداد المهاجرين الضخمة الموجودة في إيطاليا والمنحدرة معظمها من الدول الأفريقية، معرّضة بشكل خاص لأن تتحول إلى تجمّع جديد يتفشى عبره الفيروس. وفي الصورة الكبرى، نرى أن رد فعل الدول الأخرى إزاء المأساة الإيطالية دفع الإيطاليين من مختلف الأطياف إلى التكاتف معاً في ظل تنامي الاستياء من الاتحاد الأوروبي. ومن شأن هذا التوافق المتجدد أن يؤثر على الرأي العام فيما يتعلق بأهم قضايا السياسة الخارجية، على غرار مسألة ليبيا”. راجع في هذا السياق: رامي عزيز، إيطاليا وليبيا وخطر فيروس كورونا، معهد واشنطن،6 أبريل 2020، تاريخ الزيارة 01.06.2020 على الساعة 22:40، الرابط النسخة الإنجليزية من المقال، متوفّرة عبر الرابط
[3]– Wilder Alejandro Sanchez & Scott Morgan, Arms Sales in Africa : A Buyer’s Market, Geopolitical Monitor, 16 December 2019, Date of visit : the 15.06.2020 at 11:45, available
[4]– مونية هربال، الضمانات الأساسیة لحمایة اللاجئ، قضایا الهجرة والمهاجرین على ضوء الاتفاقیات الدولیة والنصوص الوطنیة مع رصد لأهم الاجتهادات القضائیة، العدد 6، الرباط، مطبعة الأمنیة، 2017، ص : 7.
[5]– مليكة بنمسعود، وضعية المهاجرين بين قانون الهجرة المغربي وقانون الهجرة الإسباني، دراسة قدّمت ضمن فعاليات أشغال الندوة الوطنية حول موضوع “قراءة في قانون الهجرة”،الرباط-المغرب، يناير 2006، نظمتها وزارة العدل ضمن سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، منشورات المعهد العالي للقضاء، العدد 7، ص 54-53.
[6]– يوسف الخيدر، إستراتيجية المغرب في مجال الهجرة …. الإنسان أولا، الموقع الإلكتروني لجريدة البيان اليوم المغربية، 2019، تاريخ الزيارة 10.06.2020 على الساعة 12:35، متاح عبر الرابط
للإطلاع أكثر على مختلف الأمور التي تهمّ المهاجر واللاجئ، راجع : الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، دليل إقامة الأجانب بالمغرب، 2019، تاريخ الزيارة 10.06.2020 على الساعة 16:15، متاح عبر الرابط
[7]– نذكر منها :
- الرسالة الملكية الموجهة إلى المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة المنعقد بمراكش يومي 10 و 11 دجنبر 2018؛
- الرسالة الملكية الموجهة إلى القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي- الاتحاد الأوروبي، التي احتضنتها أبيدجان، يومه الأربعاء 29 نونبر 2017؛
- الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في أشغال القمة الفرنسية الإفريقية حول السلم والأمن التي انعقدت يوم 06 دجنبر 2013 بباريس؛
- الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء، يومه 06 نونبر 2013.
[8]– للتعمّق أكثر، راجع :
– مشروع الوثيقة الختامية للاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، المنبثقة عن المؤتمر الدولي للهجرة، المنعقد بمراكش يومي 10 و11 دجنبر 2018، بمثابة الميثاق العالمي للهجرة، تاريخ الزيارة 12.06.2020 على الساعة 21:35، متاح عبر الرابط :
[9]– أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر الثاني عشر لشبكة المؤسسات الوطنية الإفريقية لحقوق الانسان : “الاتفاق العالمي من أجل الهجرة: الرؤية المشتركة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الإفريقية، الفرص والتحديات في تنفيذه”، القاهرة، 5 و6 نونبر 2019، متاحة عبر الرابط
[10]– صبري الحو، تقرير حول موضوع “المغرب والهجرة القادمة من إفريقيا جنوب الصحراء”، الموقع الإلكتروني لمركز الجزيرة للدراسات، 21 دجنبر 2016، تاريخ الزيارة 12.06.2020 على الساعة 23:25، متاح عبر الرابط
[11]– للمزيد من التفاصيل، راجع : المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلاصات وتوصيات تقرير: “الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب : من أجل سياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء”، منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 2013، تاريخ الزيارة 13.06.2020 على الساعة 09:10، متاح عبر الرابط
[12]– في القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي، التي احتضنتها العاصمة الإيفوارية – أبيدجان، يومه الأربعاء 29 نونبر 2017، دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رائد الاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة، إلى “صياغة خطة عمل إفريقية بشأن الهجرة”، والتي وضع جلالته لبناتها الأولى في يوليوز 2017، الهادفة إلى تصحيح عدة مغالطات بخصوص الهجرة الإفريقية، إذ أنها لا تتمّ بين القارات في غالب الأحيان، مشيرا إلى أنه من أصل 5 أفارقة مهاجرين 4 منهم يبقون في إفريقيا، ومضيفا أيضا بأن الهجرة غير الشرعية لا تشكل النسبة الكبرى، فهي تمثل 20 بالمائة فقط من الحجم الإجمالي للهجرة الدولية، وأن الهجرة لا تسبّب الفقر لدول الاستقبال (85 بالمائة من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول)، وأخيرا، بأن التمييز بين بلدان الهجرة وبلدان العبور وبلدان الاستقبال لم يعد قائما. كما أشار جلالة الملك إلى أن الدول الإفريقية مطالبة بالنهوض بمسؤولياتها في ضمان حقوق المهاجرين الأفارقة، وحفظ كرامتهم على أراضيهم، وفقا لالتزاماتها الدولية، وبعيدا عن الممارسات المخجلة واللاإنسانية الموروثة عن حقبة تاريخية عفى عنها الزمن.
[13]– نالت جهود المغرب إشادة على أعلى المستويات أفريقيا ودوليا، حيث عبر رئيس جمهورية غينيا، رئيس مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، ألفا كوندي، على هامش أشغال الدولي للهجرة 2018، عن اعتزازه بالتزام المغرب وريادة جلالة الملك محمد السادس في مجال تدبير شؤون الهجرة. من جانبه نوّه ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، السيد جان بول كافاليري، بالمقاربة الإنسانية التي تتبعها المملكة في مجال الهجرة واللجوء، مشيرا إلى أن المفوضية تعمل بشكل وثيق مع السلطات المغربية والمجتمع المدني، من أجل تسجيل الطلبات ومعالجة الملفات لتحديد الأشخاص المؤهلين للحصول على صفة لاجئ، وتقديم المساعدة الإنسانية والقانونية لهذه الفئة عبر دعم تمدرس الأطفال والتكفل الطبي والمساعدة القضائية، وكذا تحقيق الاستقلالية السوسيو-مهنية للاجئين من خلال تمويل أنشطة مدرة للدخل. وفي أكتوبر من نفس السنة، تمت الإشادة بمدينة إشبيلية (جنوب إسبانيا) بالجهود الملموسة التي يبذلها المغرب في مجال تدبير الهجرة ومحاربة الهجرة غير الشرعية، وذلك خلال اجتماع لمجموعة الستة، التي تضم وزراء الداخلية لكل من إسبانيا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وبولونيا.
ويشكل مرور ستّ سبع على إطلاق السياسة الجديدة للهجرة واللجوء، التي أقرها جلالة الملك من خلال تسوية أوضاع المهاجرين في المغرب ومعظمهم من إفريقيا جنوب الصحراء، مناسبة لتحصين المكتسبات الحقوقية والمضي قدما في تحقيق كل أهداف هذه المبادرة الفريدة من نوعها، التي لاقت ترحيبا وطنيا وأفريقيا ودوليا وأكدت جدية ومصداقية المغرب في الوفاء بالتزاماته الحقوقية وإبرازا لأهمية إفريقيا وشعوبها بالنسبة للمملكة.
[14]– المعروفة بأهداف التنمية المستدامة 2030.
[15]– هشام العقراوي، سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء “الأسس والأبعاد“،المركز الديمقراطي العربي،
17 يوليوز 2017، تاريخ الزيارة : 13.06.2020 على الساعة 23:10، متاح عبر الرابط
[16]– Ilham Bouazza, le Maroc face à la migration subsaharienne, thèse de Doctorat en droit public, faculté des sciences juridiques, économiques et sociales, université Mohammed 1er Oujda – Maroc, 2004, P-4.
[17]– نتج عن النزاع في الجمهورية العربية السورية أكثر من 6.5 مليون لاجئ منذ عام 2011. ويغادر السكان من السودان والصومال والعراق أيضا إلى أنحاء أخرى من العالم. وقد أدت الأعداد الكبيرة للمهاجرين العابرين عبر المنطقة العربية والبحر الأبيض المتوسط إلى وضع قضية الهجرة في طليعة الأولويات السياسية في أوروبا وغيرها. راجع في ذلك :
– محمد علي الحكيم (وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام للإسكوا) ووليم ألسي سوينغ (مدير عام المنظمة الدولية للهجرة)، تقرير حالة الهجرة الدولية لعام 2017 (الهجرة في المنطقة العربية وخطة التنمية المستدامة لعام 2030)، ص : 11، 2018، تاريخ الزيارة : 01.07.2020 على الساعة : 11:25. متاح عبر الرابط
[18]– هشام الخرشاف، المقاربة التشريعية لظاهرة الهجرة في بلدان الاستقبال -دراسة مقارنة لتشريعات كل من إسبانيا، فرنسا وبلجيكا-، دراسة قدّمت ضمن فعاليات أشغال الندوة الوطنية حول موضوع “قراءة في قانون الهجرة”،الرباط-المغرب، يناير 2006، نظمتها وزارة العدل ضمن سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، منشورات المعهد العالي للقضاء، العدد 7، ص 95-94.
[19]– محمد عبد المحسن البقالي، ظاهرة الهجرة الغير المشروعة : أية إستراتيجية لمعالجتها، دراسة قدّمت ضمن فعاليات أشغال الندوة الوطنية أعلاها، ص 161.
[20]– Mehdi Alioua, La migration transnationale des africains subsahariens au Maghreb, L’exemple de l’étape marocaine, In: Horizons Maghrébins – Le droit à la mémoire, n° 53, L’Afrique à voix multiples, p 81, date de la visite : 20.06.2020 à 10h35, consultable via le lien suivant
[21]– الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، دجنبر 2014، تاريخ الزيارة : 20.06.2020 على الساعة 23:25، متاحة عبر رابط الوزارة
[22]– Jocelyne Streiff-Fénart et Philippe Poutignat, « Vivre sur, vivre de la frontière : l’après transit en Mauritanie et au Mali », Revue Européenne des Migrations Internationales “REMI”, vol. 30 – n° 2, 2014, pp. 91-111, mis en ligne le 01 juin 2017, date de la visite : 01.07.2020 à 17h50, consultable via le lien suivant
[23]– محمد المرابطي، إشكالیة الهجرة في العلاقات المغربیة الإسبانیة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلیة العلوم القانونیة والإقتصادیة والإجتماعیة، جامعة سیدي محمد بن عبد الله، فاس، 2015، ص 134.
[24]– ظهير شريف رقم 196-03-1 صادر في 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، الجريدة الرسمية عدد5160 ، الصادرة يوم الخميس 13 نونبر 2003، ص 3817. متاح عبر موقع الأمانة العامة للحكومة
[25]– أحمد ادريوش، تأملات حول مكانة الاتفاقيات الدولية في القانون رقم 02.03 المتعلّق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، دراسة قدّمت ضمن فعاليات أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل حول موضوع “قراءة في قانون الهجرة”، الرباط-المغرب، يناير 2006، سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، منشورات المعهد العالي للقضاء بالرباط، العدد 7، ص 29-28.
[26]– المعطي الجبوجي، مجال تدخّل القضاء العادي في إطار قانون دخول وإقامة الأجانب بالمغرب والهجرة غير المشروعة، دراسة قدّمت ضمن فعاليات أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل حول موضوع “قراءة في قانون الهجرة”، الرباط-المغرب، يناير 2006، سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، منشورات المعهد العالي للقضاء بالرباط، العدد 7، ص 78.
[27]– إدریس بالماحي، حقوق الأجنبي التي یكفلها القانون رقم 02-03 على ضوء المواثیق والاتفاقیات الدولیة، ورقة مقدّمة ضمن أشغال الندوة الوطنیة حول موضوع “إشكالية الهجرة على ضوء القانون رقم 02-03″، مراكش، 19 و20 دجنبر 2003، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد 1، 2004، ص 99.
[28]– ظهير شريف رقم 194-03-1 صادر في 14 من رجب 1424 (11 شتنبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الجريدة الرسمية عدد 5167 الصادرة يوم الإثنين 8 دجنبر 2003، ص 3969. متاح عبر موقع الأمانة العامة للحكومة ونافذة النصوص القانونية لوزارة العدل.
[29]– ظهير شريف رقم 1.93.317 صادر في فاتح رمضان 2) 1432 غشت 2011 (بنشر الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر1990 . الجريدة الرسمية عدد 6015 ، بتاريخ 23 يناير 2012، ص 362. متاح عبر رابط الأمانة العامة للحكومة
[30]– ظهير شريف رقم 1.14.119 صادر في 10 رمضان 8 ) 1435 يوليوز (2014 بتنفيذ القانون رقم 87.13 الموافق بموجبه على الاتفاقية رقم 97 بشأن العمال المهاجرين )مراجعة)، المعتمدة من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته الثانية والثلاثين المنعقدة بجنيف في 8 يونيو 1949. الجريدة الرسمية عدد 6277 ، بتاريخ 28 يوليوز 2014، ص 6119. متاح عبر رابط الأمانة العامة للحكومة
[31]– ظهير شريف رقم 1.16.115 صادر في 6 ذي القعدة 1437 (10 غشت 2016 ( بتنفيذ القانون رقم 01.16 الموافق بموجبه على الاتفاقية رقم 143 بشأن الهجرة في أوضاع اعتسافية وتعزيز تكافؤ الفرص والمعاملة للعمال المهاجرين، المسماة اتفاقية العمال المهاجرين (أحكام تكميلية(، المعتمدة من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته الستين المنعقدة بجنيف في 24 يونيو 1975. الجريدة الرسمية عدد6493 ، الصادرة بتاريخ 22 غشت 2016، ص 6180. متاح عبر رابط الأمانة العامة للحكومة
[32]– ظهير شريف رقم 250-58-1 بتاريخ 21 صفر 1378 بسنّ قانون الجنسية المغربية، الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 4 ربيع الأول 1378 (19 شتنبر 1958)، والذي غيّر وتمّم بالمادة الأولى من القانون رقم 06-62 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 80-07-1 بتاريخ 3 ربيع الأول 1428 (23 مارس 2007)، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5513 بتاريخ 13 ربيع الأول 1428 (2 أبريل 2007)، ص 1116. متاح عبر الرابط الأمانة العامة للحكومة.
[33]– ظهير شريف رقم 47-17-1 صادر بتاريخ 30 ذي الحجة 1438 (21 شتنبر 2017)، بتنفيذ القانون رقم 79.14 المتعلّق بهيئة المناصفة ومكافحة كلّ أشكال التمييز، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6612 بتاريخ 21 محرّم 1439 (12 أكتوبر 2017)، ص 5823. متاح عبر رابط الأمانة للحكومة.
[34]– أحمد زوكاغي، إصلاح قانون الجنسية المغربية بمقتضى القانون رقم 62.06 : مساواة لم تكتمل، مجلة الملحق القضائي، الرباط، وزارة العدل، العدد 45، 2013، ص 9. النسخة الإلكترونية متاحة عبر الرابط
[35]– مجلس المستشارين، ملاءمة القوانين الوطنية للهجرة مع الميثاق العالمي للهجرة، منشورات مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانیة الرباط، بدعم مؤسسة كونراد إیدناو، 2019، ص 13، تاريخ الزيارة : 15.07.2020 على الساعة 22:25، متاح عبر الرابط
[36]– المرسوم رقم 2.11.150 صادر في 7 جمادى الأولى 1432 (11 أبريل 2011) بإحداث مندوبية وزارية مكلفة بحقوق الإنسان وبتحديد اختصاصاتها وتنظيمها، الجريدة الرسمية عدد 5933 الصادرة بتاريخ 7 جمادى الأولى 1432 (11 أبريل 2011)، ص 2143. متاح عبر رابط الأمانة العامة للحكومة.
[37]– الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة المنعقدة بمجلس النواب يوم الإثنين 29 أكتوبر 2018، جواب السيد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، على المحور المتعلّق ب: “سياسة الحكومة في مجال الهجرة”. متاح عبر موقع رئاسة الحكومة المغربية
[38]– كريمة بونمرة بن سلطان وعمر إسماعيل عبد الرحمان، إشـكالية الهجرة في سياسـات واستراتيجيات التنمية في شـمال أفريقيا -دراسة مقارنة-، إصدار مكتب شمال إفريقيا التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، الرباط، 2014، ص 68. استفاد هذا المؤلف من خلاصات وتوصيـات اجتمـاع الخبـراء فـي موضـوع “تقييـم عمليـة التكامـل الإقليمـي فـي اتحـاد المغـرب العربـي علـى ضوء اتفاقيـة الضمـان الاجتماعـي وسياسـة الهجرة”، الـذي نظّمـه مكتـب شـمال إفريقيـا التابـع للجنـة الاقتصادية لإفريقيـا، يومـي 20 و21 نوفمبـر2013 ، بالرباط، المغرب. النسخة الإلكترونية للمؤلف متاحة عبر الرابط