صدور العدد الثامن من مجلة العلاقات الدولية (أبريل/ نيسان 2025)

صدر العدد الثامن من مجلة العلاقات الدولية، الفصلية العلمية المحكمة التي تصدرها أكاديمية العلاقات الدولية، وتضمن العدد الجديد من المجلة عدد من الدراسات التي تُعالج قضايا إقليمية ودولية راهنة، تسلط الضوء على التحولات الجارية في بنية النظام الدولي، في ظل التحديات التي تواجه الفواعل الدولية التقليدية وغير التقليدية، مع تحليل لأبعاد هذه التحديات وانعكاساتها على موازين القوى والتفاعلات الدولية المعاصرة.
الدراسة الأولى: الأزمة الأوكرانية والمسارات المستقبلية للعلاقات الأوروبية – الأميركية
د. عصام عبد الشافي (مصر)
وتناولت الانعكاسات المحتملة للأزمة الأوكرانية على مسارات السياسات الأوروبية تجاه الولايات المتحدة الأميركية خلال ولاية دونالد ترامب الثانية (2025–2029). وتنطلق الدراسة من مجموعة من التساؤلات منها: هل تمهّد الأزمة الحالية بداية نهاية التحالف الاستراتيجي الأوروبي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية في مواجهة الاتحاد السوفيتي ثم الاتحادالروسي؟، وإذا انهار هذا التحالف، فهل تملك أوروبا القدرة على الصمود أمام الضغوط الروسية وطموحات بوتين التوسعية؟ وعلى الصعيد المرحلي، هل يمكن للدول الأوروبية الاستمرار في دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا دون الدعم الأميركي، كما حدث بين الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022 وحتى نهاية إدارة الرئيس الأميركي بايدن (يناير/ كانون الثاني 2025)؟
واعتمدت الدراسة على أداة بناء السيناريوهات في تحليل الظاهرة محل الاهتمام، انطلاقاً من كون السيناريو وسيلة للتخطيط الاستراتيجي يتم استخدامه لإعطاء مرونة لخطط طويلة الأمد، وبناء على “آلية بناء السيناريوهات” كمدخل للتحليل في الدراسات المستقبلية، تم تقسيم الدارسة بناء على السيناريوهات المتوقعة، وبيان مقومات ومعوقات كل سيناريو، ثم المقارنة بينها وترجيح أحدها، بناء على الأوزان النسبية لكل سيناريو من هذه السيناريوهات.
الدراسة الثانية: الاستقلال الدفاعي الأوروبي: الخيارات الاستراتيجية والضرورات الأمنية
د. الطاهر بكني (المغرب)
وتناولت واقع أوروبا في ظل مفترق طرق جيوسياسي حاسم، حيث أصبح تعزيز سيادتها الاستراتيجية وتوحيد مواقفها السياسية ضرورة ملحة في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة. ومع تصاعد الدعوات لتقليل التبعية للولايات المتحدة بسبب اختلاف الأولويات بين الطرفين، تبرز الحاجة إلى قيادة أوروبية قوية للحفاظ على المبادئ الغربية. وتحذر الدراسة من أن أي تردد أوروبي في هذه اللحظة المفصلية قد يؤدي إلى نهاية مفهوم “الغرب المتضامن” كقوة سياسية موحدة، مما سيحدث زلزالاً استراتيجياً يعيد رسم خريطة التحالفات العالمية.
الدراسة الثالثة: أفق العلاقات الأوروبية – الأميركية: التحديات والمسارات
د. نادين الكحيل (لبنان)
وتقدم الدراسة قراءة تحليلية لتطور العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تأسس التحالف على أسس سياسية واقتصادية وأمنية قوية، مع دعم واشنطن لإعادة إعمار أوروبا وتأسيس حلف الناتو، بالإضافة إلى الشراكة في قطاع الطاقة. وبعد نهاية الحرب الباردة، تغيرت السياسة الأميركية نحو أوروبا إلى نهج “الشريك الخصم”، وتصاعدت التوترات خاصة مع ولاية دونالد ترامب الثانية (2025-2029)، التي اتسمت بسياسات تصعيدية وفرض رسوم جمركية وتوجه نحو التفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مما شكل تحدياً للعلاقات بين الطرفين.
وانتهت الدراسة إلى أن دول أوروبا تواجه في ظل ولاية ترامب الثانية تحديات كبيرة، من ضمنها تقليل الاعتماد على الدعم الأمني الأميركي والحاجة لاستثمارات ضخمة لتعزيز قدراتها الدفاعية، إلى جانب مخاطر اقتصادية ناجمة عن الحرب التجارية والتوترات التجارية التي قد تهدد الاستقرار العالمي.
الدراسة الرابعة: الإستراتيجية العامة للشراكة الأورومتوسطية: المقومات والأبعاد
د. نعيمة بن دومية (الجزائر)
وتناولت اتفاقية الشراكة التي أبرمت في عام 1995 بين دول الاتحاد الأوروبي والدول الواقعة جنوب البحر الأبيض المتوسط، والتي عُرفت باتفاقية برشلونة. ممثلة نقطة تحول هامة في العلاقات الأورو-متوسطية، حيث جاءت استجابة للتغيرات العالمية التي شملت المجالات السياسية، الأمنية، الاقتصادية، والاجتماعية. انتقلت العلاقة بين الطرفين من كونها اقتصادية بحتة إلى علاقة شراكة شاملة تجمع بين كافة المجالات، مع التركيز على مبدأ المساواة بين دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط. شكلت الاتفاقية إطاراً عملياً لتطوير التعاون والتفاعل بين الضفتين، بما يعزز التوازن والتنمية المشتركة على نحو مستدام.
الدراسة الخامسة: الجيوبولتيك الليبي: جدلية الموضع والموقع
د. نزيه علي محمد (مصر)
وتناولت العلاقة المعقدة بين الموقع الجغرافي الاستراتيجي لليبيا وموضعها الداخلي وتأثير ذلك على مسارها السياسي عبر التاريخ. مستندة إلى إطار جمال حمدان في الجغرافيا السياسية، تميز بين “الموقع” كموقع مكاني على الخريطة و”الموضع” كمجموعة خصائص طبيعية وبشرية تشكل هويتها. تكشف الدراسة كيف أن موقع ليبيا كملتقى بين البحر المتوسط والشرق الأوسط وأفريقيا جعلها هدفاً متكرراً للاحتلالات الأجنبية، في حين شكل الموضع الداخلي، خصوصاً الصحراوي، قاعدة مقاومة تاريخية. لتدخل ليبيا بعد الاستقلال مرحلة “الاستعمار الجديد” عبر هيمنة الشركات النفطية متعددة الجنسيات، وتحولت إلى ساحة تدخلات دولية معقدة بعد ثورة 2011، حيث تنافست قوى إقليمية ودولية على النفوذ مستغلة نقاط ضعف الدولة.
الدراسة السادسة: الحياة البرلمانية في سورية بين عامي 1958-1946
د. أحمد أسامة نجار (سورية)
وتناولت الدراسة تطور السياسات الوطنية السورية لبناء نظام برلماني ديمقراطي بعد الاستقلال عام 1946 وحتى عام 1958، والتحديات الإقليمية والدولية التي واجهت هذا المسار، ومن بينها تعارض الولاءات السياسية داخل بنية السلطة، وانتشار ظاهرة الارتباط بالعسكر لكسب المعارك الانتخابية والسياسية من قبل النخب السياسية المدنية، وتشجيع العسكر على الانقلابات، وتعطيل الحريات وفرض الرقابة على الصحف وتعليق العمل البرلماني في الكثير من الأوقات.
مع تعاظم دور الأجهزة الأمنية، انحصرت السلطات بيد قادة الانقلابات، وانتشرت الفوضى والاغتيالات داخل المؤسسة العسكرية، في حين تحولت الحكومة إلى أداة في يد القيادات العسكرية الطامحة إلى احتكار السلطة. وقد تميّزت الفترة بين عامي 1949 و1954 بصدامات متكررة بين البرلمان والمؤسسة العسكرية،
وانتهت الدراسةإلى أن سورية لم تشهد انتخابات حرة إلا في عام 1954 عندما توحدت إرادة السوريين من جميع الأطياف مع حياد مؤسسة الجيش، وهذا أفضى إلى تنظيم انتخابات أصبحت النموذج المتفق عليه والصورة المنشودة في ذاكرة السوريين، وبعدها غابت الحياة البرلمانية الديمقراطية في سورية لعقود طويلة.