الأبعاد الجيوبولتيكية لمنطقة القرن الإفريقي
د. محمود صلاح جاويش
أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، دكتوراه الفلسفة في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، باحث بمركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث، السودان.
تمهيد:
من المواضيع التي انشغل بها الفكر الاستراتيجي لمدة طويلة، ذلك ان الاستراتيجية كصيغة في التفكير وأسلوب للعمل تناقش اهم مرتكز تقوم عليه النظرية الجيوبوليتيكية، والتي تفترض وجود علاقة بين قوة الدولة وجغرافيتها، فالعامل الجغرافي يسهم بشكل كبير في بناء الدولة وزيادة مصادر قوتها، والعامل الجغرافي نقصد به الحيز المكاني الذي تتواجد فيه الدولة ( بقعة الأرض)، من حيث حجم الإقليم وموقعه وطبيعة موارده وعدد ونوعية السكان، لذا ينبغي هنا ان نعلم بانه اذا لم تتكامل وتترابط كل هذه العناصر فقد لا تتحقق الفائدة المرجوة من تفوق عنصر معين وضعف عناصر أخرى فما فائدة ان يمتلك إقليم عدد سكان كبير لكنهم غير متجانسين ومختلفين ومساحة ارض واسعة وموارد طبيعية غنية.([1])
تتميز منطقة القرن الإفريقي بخصائص جيوبوليتيكية بالغة الأهمية، نظرا لموقعها الاستراتيجي الهام ومواردها الاقتصادية الهائلة، الأمر الذى يجعله محط اهتمام القوى الدولية ويدفعها نحو السيطرة والتحكم بها([2])، تتخطى الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي البعد المحلى والإقليمي لتتبوأ مكانة على مستوى دول العالم، مما ابرز أهميتها وتأثيرها على إحداث التوازن والاستقرار لدول المنطقة والعالم ككل، تنبع هذه الأهمية ليس من الموقع الجغرافي فقط بل أيضاً مما تتميز به المنطقة من الخصائص الاقتصادية، والسياسي، والعسكرية، والحضارية.([3])
المبحث الأول: تعريفات ودلالات القرن الإفريقي:
القرن الإفريقي كمصطلح جغرافي وسياسي حديث نسبياً، وقد اختلفت الآراء حول وضع تعريف دقيق للبقعة الجغرافية، التي يمكن ان يطلق عليها اسم القرن الإفريقي.
بطبيعة الحال يعد المفهوم الجيوبوليتيكي هو الأقرب لفهم وتحليل التفاعلات الراهنة حيث يشمل القرن الإفريقي أيضاً الدول التي تقع على شواطئ البحر الأحمر والتي تتحكم في المدخل الجنوبي لهذا البحر وعلى راسها الصومال واليمن وكذلك الخليج العربي. ([4])
ويشير مفهوم الجيوبولتيك وفقاً لما جاء في موسوعة) المعارف البريطانية (بانها: “استخدام الجغرافيا من قبل حكومات الدول التي تمارس سياسة النفوذ” وقد عرفه القاموس الفرنسي روبيرت(Robert ) بانه “دراسة العلاقة بين المعطيات الجغرافية وسياسة الدولة. قريبا من التعريف السابق عرفها البعض أيضاً على إنها: “العمل الذى يهتم بدراسة المطالب المكانية للدولة أي بمجالها الحيوي أي بما يهم الدولة خارج حدودها السياسية” يرى البحث ان هذا التعريف يعبر عن سعى الدولة للبحث عن مجالاتها الحيوية ويؤدى الى تنشيط عناصر قوتها ويدخل في تعريفه مطالب الدولة تجاه محيطها الإقليمي بخلاف التعريفات الأخرى، انظر الي ملحق رقم (1) يشير الي الوحدات السياسية في افريقيا وتأثير الجيوبولتيك علي العلاقات السياسية.
يستعمل مصطلح الجيوبولتيك للتعبير عن التداخل بين الجغرافيا والعلاقات السياسية. خاصة في جانبها المتعلق بالعلاقات الدولية. والجيوبوليتيك مفهوم يهتم بدراسة تأثير الموقع الجغرافي على أوضاع الشعب. يضاف إليه شكل النظام السياسي والقوة. تنبع الأهمية الجيوبوليتيكية في الأساس من عنصر الأرض إلا إنها تفترض تدخل الإنسان. وتتضح مكانة القرن الإفريقي في النظريات الجيوبوليتيكية ويكتسب أهميته الاستراتيجية من كون دوله تطل على المحيط الهندي من ناحية وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية أخرى ومن ثم فان دوله تتحكم في طريق التجارة العالمي خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة الى أوروبا أو الولايات المتحدة تجاه منطقة الخليج العرب. ومع ذلك لا تقتصر أهمية القرن الإفريقي على اعتبارات الموقع فحسب وإنما تتعداها الى الموارد الطبيعية.([5])
الجغرافيون والانثروبولوجيون “يقصدون بالقرن الإفريقي أساساً الأراضي التي يسكنها الصوماليون وإن تعددت أوطانهم في الصومال أو أثيوبيا أو كينيا ” وفقاً لهذا التعريف فإن مصطلح القرن الإفريقي ينطبق فقط على ذلك البروز الواضح على خريطة القارة وهو على شكل قرن في اقصى شرقي شمالها الشرقي. هذا القرن عبارة عن مثلث قاعدته تمتد بخط يبدأ من منتصف أراضي جمهورية جيبوتي على باب المندب في الشمال ويمر داخل أراضي أثيوبيا غربي إقليم الأوجادين ويسير داخل كينيا حتى نهر تانا جنوب إقليم الشمال الشرقي من كينيا. وراسه على المحيط الهندي في اقصى شرقي جمهورية الصومال. احد ضلعيه على خليج عدن في الشمال والأخر على المحيط الهندي في الشرق .
طبقاً لهذا التعريف الأنثروبولوجي فإن مساحة القرن الإفريقي تبلغ 450 الف ميل مربع، وهى مساحة الجمهورية الصومالية ونحو نصف مساحة جيبوتي) وخمس مساحة أثيوبيا(إقليم الأوجادين) وخمس مساحة كينيا (الإقليم الشمالي الشرقي.([6])
بذلك برزت خلافات في تحديد عدد الدول المكونة لمنطقة القرن الإفريقي، حيث نجد الجغرافيون يحددونها ابتداءً من أريتريا شمالا الى خليج عدن شرقا، ومن المحيط الهندي جنوبا بما فيها أثيوبيا وجيبوتي والصومال الى كينيا شمالا. ([7])
المسميات المكانية تنبع في الأساس من الخاصية الاستراتيجية التي تتميز بها المنطقة، أو المعين الثقافي الذى يشكل الاطار العام للمجتمع تأثيراً وتأثراً، وقد يأخذ أبعاداً زمانية، ومكانية، وثقافية، وعرقية، فالقرن الإفريقي له خصائصه الجغرافية، والسياسية، والطبيعي، والعرقية، والثقافية ومميزاته التي يمكن ان يتخذ منها وصفاً أو اسماً يطلق عليه وهذا ما نلاحظه في التعريفات التالية:-
فعرفته موسوعة ويكيبيديا بانه “شبه جزيرة تقع في شرق أفريقيا في المنطقة الواقعة على مضيق باب المندب من الساحل الإفريقي، ويحدها المحيط الهندي جنوباً والبحر الأحمر شمالاً، في حين عرفته الموسوعة العربية(Arab Encyclopedias) بانه الجزء الشرقي في القارة الإفريقية، الذى يبرز شرقاً بشكل قرن الى الجنوب من خليج عدن.([8])
ان مصطلح القرن الإفريقي يقصد به منطقة معينة من قارة أفريقيا ورغم تباين الواصفين لهذه المنطقة إلا ان خلاصة تعريفهم لها لا تخرج عن كونها الجزء الذي يحتل المساحة الواقعة علي الساحل الشمالي الشرقي لأفريقيا وتستثني منه مصر دائماً والسودان وكينيا أحياناً.([9])
هناك تعريف أخر للقرن الإفريقي، رواده علماء السياسة وخاصة دارسي الصراعات الدولية، يذهب الى ان تسمية القرن الإفريقي تنطبق على ثلاث وحدات سياسية تشكل رقعة استراتيجية هي الصومال وأثيوبيا وجيبوتي، انظر ملحق رقم (2) موقع بعض دول القرن الافريقي- ويبدو ان هذا التعريف مؤسس على أحداث الصراعات التاريخية في المنطقة، وهى صراعات ممتدة في التاريخ تعود الى خلفيات متعددة أثنية وثقافية وقومية .ومع ذلك فان لهذا التعريف وجاهته، إذ تكون المنطقة طبقا لهذا التعريف رقعة جغرافية متكاملة .وفقا لما ذكر في التعريف السابق فإن مساحة القرن الإفريقي تقدر بحوالي ثلاثة أرباع مليون ميل مربع ويقدر امتدادها من الشمال الى الجنوب بحوالي 2500كلم مربع ومن الشرق الى الغرب بحوالي 1500كلم مربع وبدرجة أو ثلاث درجات جنوب خط الاستواء الى حوالى ثماني عشرة درجات شمال خط الاستواء.([10])
وصف طبيعة القرن الإفريقي:
يتكون وسط القرن الإفريقي من سلسلة من الهضاب يغلب عليها مجموعة من قمم الجبال، بعضها يفوق الأربعة الآلاف متر، وأعلاها ارتفاعاً هو راس داشين ويبلغ ارتفاعه 4720 متراً تنحدر الجبال انحداراً مفاجئاً نحو السهول المحيطة بها، ويبلغ عرض هذه الهضاب من 40-60 كيلو متر مستعرضاً مع عرض الأخدود. علي أراضيه هذا الأخدود الذي يشبه الوادي، توجد عدة بحيرات أهمها زاوي – لانجون – أبيتا – شالا – أواسا – أوهو – شامو…الخ.
في منطقة تقع شمال غرب عصب وجنوب شرق مصوع توجد أراضي منخفضة إلى مستوي دون سطح البحر وخاصة كوبار سنج وتعرف بمنخفض الدناكل، هناك أعداد كبيرة تجري من قمم الهضاب إلى السهول أو الأراضي المنبسطة الموجودة حول الهضاب، ومعظم هذه الأنهار تجري في اتجاه الغرب واكبر هذه الأنهار هو نهر النيل الأزرق([11] ).
هذا الامتداد الكبير اضفي على القرن الإفريقي مميزات طبيعية وجغرافية نادرة قلما تتوفر لإقليم جغرافي واحد من ناحية تنوع مظاهر السطح فهناك السهول الفسيحة الساحلية والرسوبية والأودية العميقة والهضاب عظيمة الارتفاع والجبال الشاهقة ويمكن باختصار شديد القول ان اهم المعالم التضاريسية للقرن الإفريقي هي :
- سهل ساحلي على البحر الأحمر يتسع في الشمال ويضيق باتجاه الجنوب ثم يتسع مرة أخرى في محاذاة باب المندب مكوناً سهول الدناكل خلف مرتفعات عفار ليضيق مرة ثانية ثم يتسع في سهول الصومال الشمالية الشرقية .
- هضبة الحبشة وهى ذات تكوينات صخرية ارتفاعها بين 7000-8000 قدم فوق مستوى سطح البحر. ويصل ارتفاع بعض الجبال الى حوالى 1400قدم فوق مستوى سطح البحر، وقد قسم الأخدود الإفريقي هذه الهضبة الى قسمين، شرقي وغربي، الشرقي منها ينحدر باتجاه الشرق لتصب مياهه في المحيط الهندي والغربي منها ينحدر باتجاه الغرب والشمال لتصب مياهه في البحر المتوسط .
وتختلف حالة المناخ بين الهضاب الداخلية عن المنحدرات والسواحل الشرقية، تتميز الهضبة بوفرة الأمطار وباعتدال الطقس بينما ترتفع الحرارة في السواحل وتقل الأمطار.
طرحت سوزان رايس مع بداية عام 1998م فكرة مشروع القرن الإفريقي الكبير في الفكر الاستراتيجي الأمريكي والذى يتألف من القرن الإفريقي بمعناه الجغرافي زائدا السودان امتداداً الى منطقة البحيرات العظمى.([12])
أما المنظمات الدولية العالمية والإقليمية، فترى ان منطقة القرن الإفريقي تضم الصومال وأثيوبيا وأريتريا وجيبوتي، كدول قائمة على الساحل الشرقي للقارة الإفريقية، المطل على المحيط الهندي وخليج عدن ويمتد شمالا الى ساحل البحر الأحمر ويسيطر على مداخله بالتحكم في مضيق باب المندب، ومنهم من أضاف اليهم السودان وكينيا لاعتبارات استراتيجية ولتداخل الحدود والأقليات على حد سواء.
وسعت السياسة الأمريكية في المنطقة وبصفة خاصة في عهد الرئيس بيل كلينتون من الدول التي تحتويها لتشمل عشرة دول تمتد من أريتريا شمالا حتى تنزانيا جنوبا لتضم أثيوبيا أريتريا جيبوتي الصومال وكينيا والسودان وأوغندا وتنزانيا وروندا وبورندي، تحت مسمى القرن الإفريقي العظيم أو الكبير. هناك من جعل اليمن ضمن دول القرن الإفريقي، بحكم القرب الجغرافي والتواصل السكاني والتأثير والتاثر.([13])
يقصد بالقرن الإفريقي في بعض الدوريات التي تصدر باللغة الإنجليزية مثل (أدلفي بيبرس-AdelhiPapers) و(كرنت هيستري –Current History) تلك الرقعة الجغرافية من أفريقيا التي تتكون من السودان – الصومال – أثيوبيا – جيبوتي – أريتريا. ويرجع سبب إضافة الغربين لدولتي السودان وكينيا لارتباطهما بموضوع الإغاثة، وبالأخص الإغاثات التي تلت المجاعات التي وقعت في منطقة القرن الإفريقي في الأعوام 1984-1988م مع تواجد بعض من أجناس القرن الإفريقي بهاتين الدولتين. أما الكتابات العربية وبالتحديد المصرية فيستثنون السودان وكينيا من تلك المجموعات ويكتفون بذكر الصومال وأثيوبيا وجيبوتي وأريتريا وهناك من جعل مصطلح (الصومال الكبير) مرادفاً لمصطلح القرن الإفريقي الذي اطلقه البريطانيون بعد الحرب العالمية الثانية علي المنطقة، وكانوا يقصدون به الأراضي التي يقطنها الصوماليون.([14])
وبذلك يرى البحث ان التعريف السياسي يمتد وينكمش وفق المصالح والأهداف الماثلة على خلفية الحراك من تحالفات، ونزاعات في المنطقة، وتعد أثيوبيا جزءً أصيلا من القرن الإفريقي، باعتبارها طرفاً فاعلا ومؤثرا في الصراعات الدائرة في المنطقة.
أما المؤرخون: فيرون ان المقصود بمنطقة القرن الإفريقي، هي الدول الواقعة شرق قارة أفريقيا وهى: (أثيوبيا والصومال وجيبوتي وأريتريا) وسميت بهذا الاسم، لأنها تشبه قرن” وحيد القرن “الذى يحده من الشمال البحر الأحمر، ومن الشرق الشمالي خليج عدن، ومن الشرق المحيط الهندي، من الجنوب كينيا ومن الغرب والشمال الغربي السودان وتبلغ مساحته 1882557كلم2 وقيل سميت بهذا الاسم لأنها تشكل ذلك النتوء البارز في الجانب الشرقي من وسط القارة الإفريقية، كما تطل المنطقة على بحر العرب شمال غرب المحيط الهندي، وتشكل مع اليمن، والصومال، وجيبوتي، وأثيوبيا، وأريتريا المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذى يقف عند مدخله باب المندب.([15])
ولقد قام وزير الدولة الفرنسي للشئون الخارجية حينها ” أوليفيه سيترن” في عام1981م بتوجيه الدعوة الى كل من السعودية واليمن إضافة الى دول القرن الإفريقي لعقد مؤتمر إقليمي يهدف الى حل مشكلات المنطقة .
وكذلك أكد الرئيس الاريتري ” اسياس افورقي” عام 1994م في تصريح له أثر زيارته لليمن، على ان الدائرة الاستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي لا تكتمل من دون اليمن التي ترتبط معه بعلاقات حضارية وتاريخية قديمة.
وبالتالي يتضح ان الدلالة السياسية لمصطلح القرن الإفريقي تتعدى حدود الدلالة الجغرافية حتى في معناها الواسع.([16])
وجد الدكتور سيد فليفل وثيقة بريطانية وردت في وثائق الأرشيف السوداني بدار المحفوظات البريطانية، وهى عبارة عن خطاب موجه من المفوض البريطاني في أدىس أبابا” ويلغرد تسيجر” الى حاكم عام السودان في ظل الحكم الثنائي المصري البريطاني للسودان مؤرخة بتاريخ11/10/1917م وقد عرضت الوثيقة تصوراً شاملا لمنطقة القرن الإفريقي والسودان وكينيا .
واستنادا على هذه الوثيقة كان من رأى الدكتور فليفل ان القرن الإفريقي هو ذلك البروز المثلث الشكل، الواقع بين الشرق الإفريقي الذي يشرف على المحيط الهندي، وخليج عدن، ويمتد شمالا على ساحل البحر الأحمر لمسافة 600ميل، ويمتد الى داخل القارة الإفريقية ليشمل كلا من الصومال، جيبوتي، أريتريا، وأثيوبيا، وكينيا والسودان، وبالنسبة للآخرتين فقد تم إدخالهما ضمن دول القرن الإفريقي بسبب التداخل العرقي واللغوي بينهما وبين دول القرن الإفريقي.
التركيبة العرقية والأثنية:
تمتاز دول القرن الإفريقي بتنوع اثني وعرقي واسع، وغالباً ما يكون هذا التركيب حاضراً عند أي محاولة لتفسير أسباب اندلاع النزاعات والحروب، تتعدد وتتباين التعريفات حول مفهوم العرق والأثنية، فالجماعة الأثنية يمكن تعريفها علي إنها: جماعة بشرية تتميز بسماتها الطبيعية من لغة، دين، عرق، قومية، قبيلة عن غيرها من الجماعات البشرية الأخرى داخل الدولة الواحدة.([17])
أما مفهوم العرقية فيعنى: “مجموعة لغوية وثقافية وإقليمية تزيد من حيث أحجامها علي القبيلة التي تشترك معها في الوقت ذاته في مدلول الجوار “والتخلف” بل والبدائية المفترض إنها سمة خاصة
“بالشعوب المتوحشة.([18])
يحتوى القرن الإفريقي على تركيبة معقدة، فهو يضم أكثر من مائة مجموعة عرقية ثقافية منها: العرب، والصوماليون والامهرا، والتجرانيون، والتغرينون، والعفر، والارومو ( اكبر قومية في أثيوبيا)، والهرريون، والكيكويو، والليو (اكبر قومية في كينيا) والمساى، والاشولى، واللانجى، والباغندة، والتوتسى، والهوتو، والاشولى، والدينكا، والنوير وعشرات غيرهم يتوزعون على ديانات مختلفة منها (الإسلام، المسيحية ( الغالبية منهم من الاقباط الارثوذوكس) والارواحية ( يعبدون أشياء من الطبيعة والطوطمية، مع وجود جماعات صغيرة تدين باليهودية والهندوسية وغيرها من الديانات، كما يوجد في المنطقة وافدون من جنوب الجزيرة العربية والهند وايران وباكستان.
التداخل السكاني بين دول القرن الإفريقي:
ان سكان القرن الإفريقي من أكثر السلالات الإفريقية التي تمتاز بالتنوع والتداخل ساعد علي ذلك عدة عوامل أهمها الموقع الجغرافي المتميز الذي جعل الإقليم يتصل بالعديد من أقاليم السلالات المتباينة الخصائص سواء في قارة أفريقيا أو فيما وراء المحيط الهندي وخليج عدن. ومن اهم السلالات في منطقة القرن الإفريقي هي السلالة الزنجية وهي من اقدم السلالات إضافة إلى السلالة الحامية التي وصلت إلى المنطقة عن طريق الهجرات المفتوحة قبل عشرات القرون لتكون مزيجاً زنجياً حامياً يشكل الغالبية العظمي لسكان المنطقة هذا بالإضافة إلى السلالات العربية السامية وبذلك يمكن تقسيم التداخل السكاني الى قسمين([19]) :
القسم الأول: تداخل أصول القبائل الموجودة في المنطقة: تحتوى منطقة القرن الإفريقي على أصول القبائل التي تدخل تحتها قبائل كثيرة من هذه الأصول :
-1 الحامية :
يطلق عليهم الكوشيون ينتمى اليهم معظم سكان القطاع الشمالي الشرقي من كينيا. أهم مجموعتين للحاميين الارومو والصوماليين وفي المجموعة الأولى نجد عناصر بورنا وهم يمتدون من الحدود الجنوبية لأثيوبيا الى نهر تانا في الجنوب كذلك عناصر غبرا في مقاطعة مارسابيت وأورما على نهر تانا والساكويو، والجوران من أوائل المسلمين الذين سكنوا كينيا في الأجزاء الشمالية. ومن العناصر (الحامية في أثيوبيا: سداما ( يرجع أصولها الى قومية الاورمو وهي من اكبر القبائل الموجودة في أثيوبيا، ويمثلون 40% من شعب أثيوبيا. ويطلق عليهم الأثيوبيين اسم أخر وهو (الجالا) لان كلمة الجالا تعني المرتدين أو المنبوذين ويسكنون في الجنوب الغربي لأثيوبيا. وقد صرحوا بذلك في كثير من المناسبات ويعدها الاوروميون أيضاً من احدى قبائلهم، واجو، والصومال، وبجا، واورومو، وعفر. و(العفر) قال عنهم البروفسيور حسن مكي:( يعرف هذا الشعب بعدة أسماء، فهم يسمون انفسهم العفر، والمصادر العربية تطلق عليهم الدناكل، ويعرفون عند الاثيوبيين بالارال، ويعرفون عند الصوماليين أود علي أي أولاد علي تمتد بلاد الدناكل من ميناء مصوع في أريتريا إلى راس جيبوتي ثم إلى وأدى نهر هواش حتي أديس أبابا في أثيوبيا.([20])
المجموعة الجنوبية، يضم الإقليم الجنوبي – الغربي من أثيوبيا ما بين 20و40 مجموعة أثنية مختلفة، على الرغم من انهم من أصول كوشيتية، إلا ان بعضهم له ملامح زنجية. وقبائل الكوناما أو البازا من القبائل النيلية الحامية وتوجد أيضاً في جنوب السودان وقبائل الباريا في أريتريا، وهى من القبائل الوثنية وليس عندها شهرة في المسرح السياسي في جنوب السودان مثل الدينكا والنوير.
أما الباريا فهي أيضاً نيلية حامية هاجرت من أريتريا وأثيوبيا الى جنوب السودان، لديها فروع كثيرة في الجنوب. ويقال: الباريا تعنى الغريب، يذكر البعض انهم من سموا جوبا عاصمة جنوب السودان باسم النهر الذى يوجد في أثيوبيا.([21])
من القبائل الحامية في جنوب السودان وهى اكبر المجموعات السلالية الموجودة في السودان وأكثرها تأثيراً وارتباطاً بالسياسة، وتتألف من الدينكا والنوير والشلوك والانواك وهم يعيشون في الأغلب في مديريتي بحر الغزال وأعالي النيل ويعتمدون على الزراعة وتربية الماشية .
يتمركز الحاميون في السودان على ساحل البحر الأحمر وشرق السودان.
تنقسم منطقة القرن الإفريقي ما بين الأصول الحامية والكوشية و الأصول السامية وتعتبر الأولي من الهجرات التي وصلت الي هذه المنطقة قديماً وسكنت في أجزاء واسعة من السهول والمرتفعات الاريترية والحبشية ( الاثيوبية)، أما الثانية فترجع أصولهم الي السبئيين والحميريين وتعتبر هجرة الرشايدة هي أخر تلك الموجات حيث تقطن هذه القبائل في اقصي شمال أريتريا والتي تمتد إلى المناطق الشرقية السودانية. وقد تأثرت قبائل الرشايدة بالطابع السائد فاخذوا يتكلمون لغة التغراي بجانب اللغة العربية.([22])
أ- النيلية الحامية:
يمتد نطاق النيليين الحاميين من شمال غرب كينيا وبحيرة رودلف الى الجنوب داخل تنزانيا، واهم عناصر النيليين الحاميين في كينيا هم التركانا – الناندى – السوك – الماساى، ويقع الوطن الأصلي للنيليين الحاميين بجوار الوطن الأصلي للنيليين في منطقة جنوب شرق بحر الغزال في مكان ما في الشمال والشمال الشرقي لبحيرة رودلف .
العرق النيلي الحامي يوجد في السودان وتعيش أقسام منهم في أوغندا ويقيم معظمهم في المديرية الاستوائية، وتضم إليها مجموعة من القبائل أهمها المورلى، البوايا، توبوسا، وديدنجا.
ب – النيلية:
تمتد أوطانهم في السودان وكينيا وأوغندا، وتعيش مجموعة كبيرة منهم في معظم جنوب السودان. وتقع مواطنهم في كينيا على طول الحدود مع أوغندا ثم حوض بحيرة فكتوريا ويعكس هذا التوزيع اتجاه الهجرات الأولى من مواطنهم الأصلية في السودان الى أوغندا ثم كينيا فتنزانيا، وتتشابه الشعوب النيلية والنيلية الحامية في عدة أمور مثل تمجيد الماشية وتقسيم المجتمع حسب طبقات السن، ويرجع هذا الى ان هناك منطقة تكوين أصلية لكل من النيليين والحاميين ولكنهما غير متباعدتين، يعتبر ( اللو) اهم الشعوب النيلية في كينيا، تمتد أوطانهم من خليج كافيروند نحو الجنوب الى تنزانيا وهم أيضاً يعتمدون على حرفة الرعي.
ج- الزنوج :
وهى كلمة فارسية وتعنى الأسود، وتنتشر في المناطق الجنوبية، ويتوزعون جغرافيا في إقليم طولي يمتد من السنغال حتى النيل الأزرق في السودان، ومن كردفان حتى شمال أفريقيا الوسطى، بعض القبائل الجنوبية في أثيوبيا أيضاً لها ملامح زنجية، منها: أومو وماجي وكافا وجنجرو، والشانكلا الذين يسكنون بمحاذات الحدود الغربية مع السودان ويتوزعون على قبائل عدة . ([23])
-2 السامية:
ومن الجماعات التي تنتمى الى السامية في أرتيريا، كل من قبائل البجة، وقبائل الاساورتا والساهو، البلين، الماريا، الدناقيل، الحباب، منسع، والقبائل النصرانية في حماسين، ولا يكاد يوجد اثر للسمات الزنجية المعروفة بين هذه القبائل باستثناء لون البشرة الأسمر الداكن الذى يجعلهم اقرب الى قبائل السودان، وتعد قبيلة الرشايدة أخر الهجرات العربية الى أريتريا، وقد توافدت إليها عن طريق السودان منذ سنة 1846 م وانتشرت في الشريط الساحلي من مصوع حتى حدود السودان. وفي أثيوبيا امهرا وتغرى وتغراى وغراغى وهرر وارغوبا وعرب، واصل الأحباش يعود الى العنصر السامي الذى نزل البلد منذ مئات السنين قبل الميلاد نازحين من جنوب الجزيرة العربية بسبب الحروب الطاحنة التي أجبرتهم على ترك ديارهم وخاصة بعد انهيار سد مارب.
الخلفية التاريخية للقرن الإفريقي :
اطلق قديما على المنطقة الجغرافية التي يشغل القرن الإفريقي جزء منها والممتدة من بلاد النوبة الى الصومال باسم بلاد كوش. ومن الثابت تاريخيا فيما يتعلق بالقرن الإفريقي ان شعوبا حامية أو كوشية قد استقرت فيه، منذ فجر التاريخ. واحتك الكوشيون بالسكان الأصليين واخذوا يحتلون مناطقهم مما جعل السكان الأصليين ينسحبون الى الجنوب بحيث لم يبق لهم إلا جيوب صغيرة في جنوب أثيوبيا الحالية وهؤلاء هم المعروفون باسم (الشانقلا( وفي مراحل تاريخية لاحقة قدمت الى المنطقة أفواج مهاجرة سامية عبرت البحر الأحمر من الجزيرة العربية.([24])
فالعنصر الغالب لسكان القرن الإفريقي هو العنصر الناتج من خليط من العنصر الزنجي والعربي، معلوم ان الهجرات العربية للقرن الإفريقي قديمة وبتعبير أخر الهجرات العربية للقرن الإفريقي هي اقدم من هجرة الإسلام والمسيحية لهذه المنطقة. ويري بعض المؤرخين والكتاب، منهم صلاح الدين حافظ ان الهجرات بدأت في القرن العاشر قبل الميلاد ومن أكثر البراهين التي تعزز هذا الراي، قرب الجزيرة العربية من منطقة القرن الإفريقي والبصمات العربية الواضحة علي المنطقة وعلي أجناسها.([25])
بمرور الزمن اختلط الساميون بالكوشيين وتكون من هذا الامتزاج والاختلاط شعب جديد له ملامحه وأوصافه وثقافته الخاصة. وقد اطلق العرب على هذا المزيج البشرى باسم الحبشة وقد ترجمها الأوربيون
بـ ) ابيسينيا.(
هذا ما ذهب إليه البعض من اصل التسمية. وهناك رأي أخر يرى ان اصل التسمية جاء نسبة الى قبيلة ” حبشات” وهى قبيلة يمنية هاجرت الى القرن الإفريقي، وعاشت هناك واختلطت بالشعوب وبمرور الزمن غلب اسمها على تلك الأصقاع .
وبصرف النظر عن التسمية فمن المعلوم ان مادة الحبش في اللغة العربية” تدل على الجمع والتحالف “وهى بذلك توحى الى تعدد الأجناس واللغات والأديان. ولعل هذا الوصف ينطبق الى حد كبير على ما عرف قديما باسم الحبشة ويعرف بها حاليا ) بأثيوبيا) إذ ان الحبشة أو أثيوبيا كانت وما زالت تضم أجناساً وقوميات عديدة تتعدد فيها العادات والتقاليد والثقافات واللغات واللهجات المحلية.([26])
تاريخيا تميزت منطقة القرن الإفريقي بالصراع المسيحي الإسلامي، فقد كانت الإمبراطورية الحبشية راعية للكنيسة والمسيحية في المنطقة، ومثلت الصومال ودول الطراز الإسلامي المدافع عن الإسلام هذا الصراع التاريخي في القرن الإفريقي ترك اثره حتي اليوم نموذج لذلك الغزو الأثيوبي الصومالي 2006م وتبع ذلك قتال شرس بين قوات شباب المجاهدين والحزب الإسلامي من طرف والقوات الأثيوبية من طرف عام 2008م من الأراضي الصومالية بعد غطاء سياسي ودبلوماسي مثله اتفاق جيبوتي الذي جاء
بشيخ شريف شيخ احمد رئيساً للحكومة الانتقالية في مقديشو.([27])
يري عباس قاسم ان البحر الأحمر بدلاً من ان يكون مانعاً طبيعياً يفصل بين الشعبين كان جسر للتواصل تدفقت عبره الهجرات الأولي للسواحل الشرقية بالقرن الإفريقي قبل ان تنتشر هناك إلى سفوح الهضبية المجاورة وهي أريتريا والصومال وسواحل كينيا تنجانيقا وزنجبار، بالإضافة لليمنيين والحضارمة، وشق عرب كثيرون طريقهم إلى تلك السواحل كالعمانيين والبحرينيين والحجازيين، وظلت التجارة تشكل الرابطة التقليدية بين عرب الجزيرة والأفارقة الشرقيين حتي ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي وقد طبع الوجود العربي بصماته علي الشريط الساحلي والسفوح الهضبية من خلال التزاوج الذي انجب عرقاً ملوناً مميزاً في خصائصه العرقية واللغوية في هذا الجزء من أفريقيا.([28])
وفقا لما تم عرضه عن تحديد منطقة القرن الإفريقي وتناول ابرز التعريفات للمنطقة هناك تساؤل طُرح على دكتور (خيرى عمر( المحاضر بأكاديمية العلاقات الدولية( تركيا)، ” تعددت التعريفات لمنطقة القرن الإفريقي ما بين تعريف تاريخي، وتعريف جغرافي، أو حتى سياسي، استراتيجي ثم أنثروبولوجي، فالتعريفات قد تضيق او تتسع لتشمل مساحات شاسعة فتارةً يرتبط التعريف بالشرق الأوسط الكبير ويدخل السودان ضمن نطاق القرن الإفريقي وتارة يخرج السودان من التعريف. ما هو تأثير التعريف على العلاقات بين دول المنطقة هل يؤدى الى الاستقرار أم يؤدى الى مزيد من التنافس والصراع ؟”.
رغم تعدد التعريفات للمنطقة يظل التعريف الأنثروبولوجي هو أخطر التعريفات لأنه مرتبط بحركة السكان ووفقا لها تحدد الحدود، فالحدود تقف عند أخر فرد من المجموعات السكانية، وليس لأبعاد تاريخية. فمثلاً اذا أخذنا بالتعريف ان القرن الإفريقي هو المنطقة التي يسكنها الصوماليون رغم اختلاف أوطانهم فتواجدهم مثلا في شمال كينيا، أو شرق أثيوبيا هذا يجعل القرن الإفريقي يتكون من مجموعتين عرقيتين الحاميون من امهرا وتغراى والصوماليين، وإن الجماعات الأخرى تشكل جماعات ثانوية في هذا الإقليم وبذلك سوف تظهر نزاعات على مستويين، المستوى الأول حول وحدة هذه الجماعات السكانية وهل يمكن ان تكون في اطار دولة واحدة أو تكون مقسمة بين الدول كما هو حال الصوماليين الآن؟
المستوى الثاني ان تنقسم هذه المجموعات السكانية بين الدول كما هو الحال بين (التغرىي- التغراي) مقسمين بين أثيوبيا وأريتريا.
اذا تم الأخذ بالتعريف الاثني فإن الوعى به يشكل عامل صراع بين هذه الدول .إذا أخذنا التعريف الجغرافي سيكون مرتبط بالحدود السياسية وسيكون التحدي هنا احترام هذه الحدود وتسوية النزاعات المرتبطة بالحدود خصوصاً التي صدرت فيه أحكام قضائية من محاكم دولية، أو تلك النزاعات المحتملة والتي تمثل مصدر قلق .فالصوماليون الآن يعرفون ان إقليم أوجادين يتبع للصومال فهو حق مسكوت عنه الآن، لكن في حالة نزاع يطالبون به، كما هو الحال في إقليم الفشقة المتنازع عليه بين أثيوبيا والسودان، تاريخيا أثيوبيا عندما تستطيع التوسع تتوسع رغم اعتراف الرئيس الراحل ملس زيناوى عندما قبل واعترف أن الفشقة تتبع للسودان هذا كان في تقديرى اعتراف مؤقت ريثما ينتهى من ترتيبات داخلية تتمثل في السيطرة والهيمنة على جبهة التغراى والهيمنة على أثيوبيا أيضاً هذا ما بدأ به منذ العام 2010م لكنه توفي على نحو مفاجئ، إنما من المرجح ان تعمل هذه الدول وفقا للحدود السياسية وحل النزاعات بينها وقد كانت الجزائر هي من رعت المفاوضات في حل النزاع بين أثيوبيا وأريتريا حول إقليم ( بادمى – زلامباسا ) لكن أثيوبيا لم تعترف بهذا الحكم إلا مؤخرا اعترف به أبى احمد نتيجة المصالحة التاريخية بين الدولتين لكن الإقليم حتى الآن لم يسلم وان الاعتراف به جاء في ظل الصراع بين أبى احمد والتغراى فالمادة 39 من الدستور الأثيوبي تعطى الأقاليم صلاحية كبيرة في رسم حدود الأقاليم لكن الخطورة في ان تصبح هذه الحدود دولية.
خلاصة ما سبق ذكره ان مصطلح القرن الإفريقي الكبير هو مصطلح استعماري في نشأته، سياسي جيوبوليتيكي في استخداماته، شانه شأن مصطلح الشرق الأوسط الكبير، الذي يضيق ويتسع وفقاً لاستراتيجيات ومصالح القوي العظمي والكبرى لذلك يمكن القول ان القرن الإفريقي جيوبوليتيكياً أوسع كثير من القرن الإفريقي جغرافياً.([29])
الموقع والموارد الطبيعية تشكل السبب الحقيقي لمعظم الحروب بين القوى الطامعة في المميزات الجيوبوليتيكية أو بين القوى الإقليمية المالكة لها، أو بتوجيه من القوى العالمية أحياناً. وكانت صور السيطرة في الماضي الاحتلال العسكري للمنطقة وإخضاعها للنفوذ السياسي، أو التبعية الاقتصادية. فدراسة الحقائق الجغرافية من كافة الجوانب للدولة، أما ان تستغل أهميتها بالشكل الأمثل أو ان تتخذ الإجراءات الوقائية حيال ضعفها فاذا لم تراع كل هذه الأمور ستشكل خطراً كبيراً على سيادة الدولة وامنها القومي.([30])
المبحث الثاني: منطقة القرن الإفريقي
منطقة القرن الإفريقي – أو إقليم القرن الإفريقي – عبارة عن مركب تتعدد مكوناته الجغرافية والتاريخية والثقافية والبشرية. كما تتداخل فيه عوامل ثابتة وأخرى متغيرة، تتشابك أحياناً وتتنافر أحياناً أخرى. مما كان له بالغ الأثر في تشكيل ماضي وحاضر العلاقات التي انتظمت دول المنطقة، بناءً على ذلك لا تنظر الدراسة للقرن الإفريقي من واقع انه ظاهرة جغرافية متفردة، لكنها تعيد الاعتبار لعوامل أخرى أسهمت في تشكيل ملامح المنطقة يأتي علي قمة هذه العوامل المكون البشري المترابط والمتصل في أصوله العرقية وثقافته وتاريخه وموروثه الديني والقيمي. يضاف إلى ذلك الخارطة الدينية في منطقة القرن الإفريقي التي شملت الإسلام والمسيحية واليهودية.([31])
مصطلح القرن الإفريقي وهو مصطلح اتخذ طابعاً سياسياً منذ اشتدت المنافسة بين الدول في المعسكرين الشرقي والغربي على مناطق النفوذ في المحيط الهندي، وبخاصة منافذه المؤدية الى الخليج العربي والبحر الأحمر ويمثل القرن الإفريقي البروز الذى ينتهى براس غوردوفوي على الساحل الشرقي لأفريقيا، ويشمل سياسياً الصومال وأثيوبيا وأريتريا وجيبوتي وتوسع بعض الجغرافيين في رقعة القرن لتشمل كينيا والسودان وأوغندا، بل ذهبت الأدبيات الأمريكية لتشمل ما يسمى القرن الإفريقي الكبير الذى تندرج فيه منطقة البحيرات العظمى في وسط القارة الإفريقية.([32])
الأهمية الاستراتيجية للقرن الإفريقي:
يكتسب القرن الإفريقي بعض جوانب أهميته الجيوبوليتيكية من أهمية القارة الإفريقية “فهو يعتبر مدخلا ونقطة وثوب لوسط وجنوب القارة من ناحية الشرق “وباب الدخول أو الخروج لأفريقيا الشرقية وعن طريقه وصل الإسلام لأفريقيا الشرقية قبل ان يمكن الاتصال بها عن طريق البحر، كما ان المعاملات التجارية لتلك الجهات كانت في الماضي تتم عبر موانيه، ومن القرن الإفريقي دخل الاستعمار الغربي الى أفريقيا الشرقية في القرن الماضي وفي القرن العشرين ادركت الشيوعية العالمية قبل انهيارها أهمية القرن الإفريقي بالنسبة للقارة، فحظى القرن باهتمام سوفيتي كبير بدأها أولا مع الصومال1963م وثانيا مع أثيوبيا بعد عام 1974م.
وأفريقيا ذات أهمية كبيرة اقتصادية واستراتيجية إضافة الى كونها قارة المستقبل لتامين الغذاء للإنسان. ومع ذلك فهي اضعف القارات على الأطلاق مما أهلها لان تكون ساحة لتسابق القوى الكبرى عليها. وهى تمتلك كثير من المواد الخام اللأزمة للصناعة وتمتلك كثيراً من المعادن النفيسة وتشرف على ممرات مائية لها تأثير كبير على التجارة العالمية، إذ ان نسبة70% من المواد الخام الاستراتيجية التي تحتاجها الدول الأوروبية أعضاء الناتو و80% من إمدادات البترول لتلك الدول تصلها عبر الممرات البحرية الإفريقية. والقرن الإفريقي يتمتع بموقع ممتاز في إمكانية التأثير على هذه الممرات سواء تلك المتجهة الى السويس أو جنوبا الى راس الرجاء الصالح.([33])
منطقة القرن الإفريقي ذات أهمية استراتيجية كبيرة نتيجة لموقعها الجغرافي الذى يجعلها تتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ولقد وضحت هذه الأهمية منذ فجر التاريخ وقد تسارعت الأحداث فيها، الفترة من 1993م- 2011م لترسم صورة جديدة قد تبدو غير متوقعة وغير مألوفة أو متوقعة بالنسبة للكثيرين ولذلك فأنها مفتوحة على تطورات يصعب التنبؤ بأبعادها في المرحلة الراهنة، خاصة وان أجواء الضعف والشك وعدم الاستقرار من سمات القرن الإفريقي.
من ناحية أخرى منطقة القرن الإفريقي ذات أهمية استراتيجية لوقوعها بالقرب من البحر الأحمر، الممر المائي المهم، وهى منطقة صراع على ممرات التجارة العالمية – وبالقرب من مناطق النفط بالجزيرة العربية والخليج العربي. وهناك صراع بين المسيحية والإسلام تمثلت في حروب طويلة للسيطرة على هذه المنطقة. كما كانت المنطقة وسواحلها الطويلة وثرواتها جاذبة للغزاة وكانت المنطقة كذلك مهمة في مرحلة الحرب الباردة، حيث اشتد فيها الصراع بين الدولتين العظميين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، كما كانت على الدوام عاملاً مؤثراً في الصراع العربي الإسرائيلي منذ إنشاء دولة إسرائيل 1948م ولكن اختلف الأمر كثيراً بعد انتهاء الحرب الباردة وتحكم القطب الواحد.([34])
يكتسب القرن الإفريقي أهميته الاستراتيجية من كون دوله تطل على المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية ثانية، من ثم فهو يتحكم في طريق التجارة العالمية، خصوصاً تجارة النفط المتدفق من دول الخليج والمتوجه الى أوروبا والولايات المتحدة. كما أنها تعد ممراً لأى تحركات عسكرية آتية من أوروبا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي .لا تقتصر أهمية القرن الإفريقي على اعتبارات الموقع وإنما تتعداها الى الموارد الطبيعية، لا سيما النفط في جنوب السودان والاكتشافات في إقليم أوجادين، اضف إلى ذلك قربه من جزيرة العرب بجميع مكونتها الاقتصادية والثقافية، علاوة على ما فيه من جزر عديدة ذات أهمية استراتيجية من الناحية العسكرية والأمنية.([35])
تعتبر المنطقة مجالا حيوياً واستراتيجيا، للبلدان العربية والقوى الكبرى، وتعد منطقة القرن الإفريقي ذات أهمية بالغة للمنطقة العربية وتشكل عمقاً استراتيجيا لها. وترتبط بها على أكثر من مستوى، نتيجة الجوار الجغرافي والتداخل البشرى وعلاقات القربى والتفاعل التاريخي والحضاري.
فهذه المنطقة تشكل وقبل كل شيء جزء مهم من الوطن العربي لوجود ثلاثة دول فيها تنتمي للوطن العربي، وهى الصومال وجيبوتي والسودان.
واذا كانت المنطقة تتمتع بأهمية استراتيجية ملحوظة بالنسبة للقوى الدولية المختلفة، بحكم موقعها الجغرافي، وإطلالتها على الممرات البحرية المهمة للملاحة والتجارة الدولية. وإجمالاً نستطيع القول ان عروبة السودان والصومال وجيبوتي والتحكم في منابع النيل، وتامين الاحتياجات المالية لكل من مصر والصومال والسودان، وامن البحر الأحمر تمثل محاور مهمة بالنسبة للوطن العربي في هذه المنطقة، نظراً لارتباطها المباشر بالأمن القومي العربي بشكل عام وتأثيرها في المصالح الحيوية لبعض الأطراف العربية على وجه الخصوص.([36])
يشكل أشرف المنطقة على خليج عدن ومضيق باب المندب وهو باب الدخول الى البحر الأحمر، وفي الوقت ذاته باب الخروج الى خليج عدن ثم المحيط الهندي احد البحار المفتوحة، وهى ممرات مائية لها أهميتها التجارية والعسكرية خاصة بعد افتتاح قناة السويس1869م.
يصل مجموع طول ساحل القرن الإفريقي على تلك البحار حوالى 2488 ميلاً. ومع ان السيطرة على البحار تتم في الغالب بواسطة القوة البحرية، ولعل هذا ما أدى الى هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية لاهتمامها باليابسة أكثر من البحار، فإن الأبواب دائماً تحتاج الى حراسة من الداخل والخارج معاً، وهذا ما جعل القرن الإفريقي يحظى باهتمامات خاصة، وعليه فبإمكاننا ان نقول ان من يسيطر على القرن الإفريقي يسيطر على البحر الأحمر ويؤثر على المحيط الهندي.([37])
بعد اكتشاف النفط والغاز في منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج، أصبحت هذه الأخيرة منطقة مصالح حيوية بالنسبة للدول الصناعية وبالتالي ازدادت قيمة الممرات المائية سالفة الذكر حيث ان منطقة منابع النفط لا تقل أهمية عن ممرات نقله، وبالتالي ازدادت قيمة القرن الإفريقي كمنطقة تطل وتتحكم بهذه الممرات ومقابلة لمنطقة مصالح حيوية عالميا.
وعلى هذا الأساس فإن المنطقة تستمد قدراً من الأهمية ناجمة عن قيمتها الاستراتيجية لارتباطها الوثيق بالبحر الأحمر والذي يعد بدوره من أهم طرق المواصلات البحرية في العالم. الذي يربط بين مناطق الإنتاج النفطي (دول الخليج العربي، وايران، والقرن الإفريقي)، ومناطق الاستهلاك النفطي (الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوربي)، وبذلك أصبحت في أول سلم أولويات تأمين وتحقيق أمن الطاقة العالمي.
في هذا الاطار يقول الرئيس الأمريكي الأسبق “رتشارد نيكسون”: يجب ان نتعامل مع المصالح الثانوية أحياناً وكأنها مصالح حيوية، وعليه اذا كانت دول القرن الإفريقي لا ترقى الى مرتبة المصالح الحيوية للولايات المتحدة فهي تأتى دون شك في المرتبة الثانية، أي ضمن المصالح الثانوية، وبالتالي يتم التعامل معها أحياناً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في اطار المصالح الحيوية لها.
حيث تعمل الولايات المتحدة على حماية مصادر الإنتاج النفطي في القارة الإفريقية نتيجة لمعاناة معظم دول القارة الإفريقية من عدم الاستقرار السياسي لضمان تدفق تصدير النفط الإفريقي، ووصوله للولايات المتحدة الأمريكية دون أي مشكلات، مما يساعد على التقليل من الاعتماد على نفط الشرق الأوسط عبر سياسة تنوع الواردات الجغرافية وأنواع الطاقة حيث تعد أفريقيا عنصر أساس في هذه الاستراتيجية، كما تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على رصد تحركات أي منافس حقيقي أو محتمل لها في الملعب الإفريقي في هذا الاطار من شأن تحركاته ان تضر بأمن الطاقة الأمريكية.([38])
يزخر القرن الإفريقي بإمكانيات زراعية هائلة ومهملة إذ ان 44% من مساحته الزراعية غير المستغلة بالشكل الكافي، كما تغطى الغابات حوالى 27% من جملة مساحته وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للرعي فيه 25% أما الأراضي التي لا تصلح للزراعة فتبلغ 4% فقط. الى جانب ذلك يحتوى على اكبر ثروة حيوانية في أفريقيا، ويعد من اهم مناطق السوق الحر وتصريف المنتجات الأمريكية والأوروبية والإنتاج المحلى وبذلك لا يمكن نسيان العائدات المالية الضخمة التي تعود على دول المنطقة من مرور السفن التجارية ورسوم الملاحة.([39])
كذلك يؤدى القرن الإفريقي دوراً جيوسياسياً مهما من خلال استضافته مقار كل من الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة وسواهما من المنظمات الإقليمية، وتوفر هذه المنطقة موقعاً للتجارة والاستثمار، وحدهما أثيوبيا وجنوب السودان لا يطلان على البحر من بين دول القرن الإفريقي، وهناك ثمانية موانئ في المنطقة : ميناء بورتسودان في السودان، مينائي مصوع وعصب في أريتريا، ومناء جيبوتي في جيبوتي، وموانئ بربرة وبوساسو ومقديشو وكسمايو في الصومال. وتطل موانئ المنطقة كلها على البحر الأحمر، ماعدا اثنين مقديشو وكسمايو اللذين يطلان على المحيط الهندي.
تعانى هذه الدول من فقر مدقع حيث تعتمد جلها على المساعدات الخارجية، فأريتريا تعد واحدة من أكثر دول العالم اعتمادا على المساعدات الخارجية، وكذلك الصومال، أما أثيوبيا كانت تعتمد على المساعدات الخارجية ومازالت كما كانت تصنف من افقر دول العالم، إلا انه في السنوات الأخيرة شهدت نمواً اقتصادياً ملموساً يعد من اسرع معدلات النمو العالمية .
أما جيبوتي فتسعى إلى الاستفادة الاقتصادية من موقعها الاستراتيجي على مضيق باب المندب عن طريق الاستثمار في اقتصاد الموانئ، وكذلك الامتيازات والتربح بالسماح بإنشاء قواعد عسكرية. وتجنى جيبوتي نحو ربع مليار دولار سنوياً مقابل تأجير أراض لقواعد عسكرية. وتبلغ قيمة التأجير السنوية للصين مائة مليون، واليابان ما يقارب خمسة وثلاثين مليون، ولفرنسا القاعدة الأقدم نحو ثلاثين مليوناً. عدا عن دول أخرى لها قواعد عسكرية فيها مثل ألمانيا وإسبانيا.([40])
وتتميز المنطقة بإرث استعماري مشترك يتمثل في ان البنية التحتية القائمة كلها والخاصة بالنقل، مثل الطرق والسكك الحديد متصلة بهذه الموانئ مع ندرة الصلات الداخلية أو الإقليمية أو انعدامها، وهو ما جعل هذه البلدان كلها تتجه الى التجارة مع شركاء عبر البحار أكثر من التجارة مع البلدان المجاورة.
لا تقتصر أهمية المنطقة على الموقع فحسب، إنما تتعداها للموارد الطبيعية، خاصة بعد معرفة طبيعة المنطقة ومواردها وطاقاتها المادية والبشرية وقدرتها الكامنة على النمو والتطور، كما اكتسبت هذه المنطقة أهمية إضافية مع بروز ظاهرة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، وتصاعد دور التنظيمات الإسلامية المسلحة في العديد من دول المنطقة، وارتباط ذلك بما يعرف بالحرب الدولية على الإرهاب.([41])
أهمية الموقع الجيوستراتيجية:
ان السياسة الأمنية والعسكرية هي أداة مهمة من أدوات صوغ الاستراتيجيات للدول الكبرى، أو للدول التي تطمح الى تبوء مكانة مرموقة في الإقليم الذى تنتمى إليه، وذلك الى جانب الأدوات الأخرى المهمة، الاقتصادية منها والسياسية والثقافية .
فالمنطقة تتمتع بموقع جيوستراتيجى متميز، يقع قريبا من الخليج العربي. بضفتيه العربية والإيرانية، ومن ثم فهو ملتقى الطرق البحرية التي تربط بين شرق أفريقيا والجزيرة العربية وايران والهند وجنوب شرق آسيا،
وكلها مناطق تجارية نشطة وغنية بمصادر الطاقة وبالموارد الطبيعية المهمة.
من ناحية أخرى تتميز هذه المنطقة بانها تشرف على موقعين استراتيجيين مهمين انظر الي ملحق رقم (4) يوضح اهمية الموقع الجيوستراتيجي، يؤثران في المصالح الدولية تأثيراً كبيراً: باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ومضيق هرمز بوابة الخليج العربي. ينحصر باب المندب بين جيبوتي وجنوب غرب اليمن، ويصل عرضه في هذه النقطة نحو 18ميلاً بينما يصل اقصى اتساع له 190ميلاً بين مينائي مصوع في أريتريا وجيزان في السعودية. يعتبر مضيق باب المندب والجزر الكثيرة المنتشرة شمالاً ميزة دفاعية للدول المطلة عليه.([42])
تعتبر الممرات والمضايق البحرية الدولية احد ابرز شرايين الملاحة والتجارة الدوليين، وذلك لما لها من عدة مزايا، فبالإضافة الى ميزة تقريب المسافات بين الدول والمتعاملين التجاريين الدوليين، فهي تتيح عاملا أخر قد يتمثل في التكاليف المنخفضة التي تعرضها على الدول والجهات المستفيدة منها، ومن جهة أخرى تمثل مصدراً هاما للدخل لاقتصاديات الدول المطلة وصاحبة السيادة على المضيق او جزء منه .
وفي هذا الخصوص يعتبر مضيق باب المندب احد ابرز واهم الممرات البحرية الدولية على الإطلاق بمنطقة القرن الإفريقي، وذلك لما له من ميزة ربط الجانب الشرقي مع الغربي من العالم، وكذا لحجم التجارة الدولية، وحركة تنقل النفط عبره، إلا ان المضيق في الآونة الأخيرة اصبح يواجه عدة تهديدات أمنية أثرت على مردوديته الاقتصادية من جهة، وعلى مصالح الدول المصدرة والمستوردة للنفط من جهة أخرى.([43])
تعد الحرب والنزاع في اليمن احد ابرز مصادر هذه التهديدات منذ مارس 2015م أين استولى الحوثيين والقوى المؤيدة لهم على المضيق، الأمر الذى مثل تهديداً لمصالح عدة دول خاصة الخليجية منها، هشاشة الوضع في اليمن والقرن الإفريقي لا تزال تمثل العامل الأبرز في التأثر على الأهمية الاستراتيجية لمضيق باب المندب، هذا الأخير الذى تستخدمه عدة دول كورقة ضغط اقتصادية لحل خلافاتها السياسية بالمنطقة.
شكلت البحار عاملاً مهماً في مسيرة الإنسانية وفي ظهور الحضارات وتقدمها، لما تشكله من حالة استقطاب للأفراد والجماعات ومهدت لإقامة الحضارات وإرساء أسسها وإيجاد اللبنة الأولى لقيامها من خلال إقامة التجمعات السكانية بالقرب من البحار والموارد المائية الطبيعية وتعتبر البحار ذات أهمية كبيرة في تحديد استقرار التجمعات البشرية وكان احد عوامل الصراع الذى بدأ مع بدء الخليقة واستمر حتى وقتنا الحاضر، واصبح مصدراً للصراعات والحروب التي تشكل تهديد وتحدى يمس المصلحة الوطنية للدول.([44])
رغم أهمية البعد الأمني الذى يبرز حرص القوى الدولية والإقليمية على حد سواء، على إيجاد موقع قدم لها في منطقة البحر الأحمر، تأتى الأهمية الاقتصادية ضمن البعد الأمني في جداول تلك الدول، فالاقتصاد هو العصب الذى يقوم عليه نفوذ تلك القوى بمختلف توجهاتها، ورغم اختلاف الوسائل والأدوات والمصطلحات لم تتغير الأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر، بل على العكس أسهمت التهديدات التقليدية وغير التقليدية في تعميق شعور القوى الدولية والإقليمية بأهميته ودوره كخط دفاعي أول تحافظ من خلاله على سير تجارتها وأساطيلها البحرية بعيداً عن أي طرف يهدد امنها الخارجي والداخلي.([45])
بحكم الموقع الجيوبوليتيكي الذى تتمتع به منطقة البحر الأحمر فضلاً عن عوامل كثيرة أخرى، ظلت المنطقة مسرحاً لصراعات إقليمية ودولية، منها ماهو ذو رواسب تاريخية، وما زال قائماً، ومنها ماهو وليد عصرنا الحاضر. ومنذ القرن التاسع عشر دأبت الدول الكبرى على إذكاء نار الصراعات في البحر الأحمر، ومنها بالذات الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وبخاصة منذ الخمسينات. هكذا أضافت هاتان القوتان بعداً جديداً الى القضية بحكم مساهمتهما المباشرة وغير المباشرة في الصراعات السياسية والعسكرية في المنطقة، والتي نشأت نتيجة عوامل عدة منها مستويات الحرمان التي يعيشها معظم سكان المنطقة، الخلافات العرقية والدينية والثقافية، المشاكل الحدودية، التحالفات المتعددة التي ساندتها الدول الكبرى وشجعتها. هذه المشاكل أثرت على منطقة القرن الإفريقي والأقاليم المجاورة.([46])
تعد منطقة البحر الأحمر من اهم المناطق الاستراتيجية عالمياً، لموقعها الجغرافي الذى يربط بين ثلاثة قارات، أسيا وأفريقيا وأوروبا، إضافة الى ان موقعها المتوسط بين البحر الأبيض وبحر العرب يجعل منها حلقة وصل بين ثلاث مناطق إقليمية هي القرن الإفريقي والشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي.([47])
يمثل البحر الأحمر والدول العربية المشاطئة له والمتأثرة به مثل دول الخليج العربية التي تتصل تاريخياً بشعوب القرن الإفريقي بوشائج ثقافية واجتماعية وسياسية، فالبحر الأحمر يمثل كما أشار البحث في جزئية سابقة، بميزة استراتيجية عالية الأمر الذي يترجم من الناحية الجيوبوليتيكية بان السواحل الطويلة غالبا ما تسهل من مهمة التحكم في مياه البحر، والإحاطة بها. ونتيجة لهذا الواقع فان الدول المطلة علي البحر الأحمر والمتحكمة في سواحله هي التي يتسنى لها لعب دور رئيسي في لعبة الصراع الدائرة، وبالتالي تتحكم في البحر الأحمر من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية وتستطيع كذلك ان تربط ربطاً محكماً بين الشرق والغرب من اقصر طريق ملاحي يوضح ذلك بجلاء قيمة التقارب بين دول البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وتتضح أهمية هذا التقارب في تجسير الهوة بين دول المنطقتين ودعم لعمليات التعاون الإقليمي وتحقيق مصالح شعوب ودول المنطقة.
صحيح ان الدول الكبرى في العصر الحديث سبقت هذه الكتلة الى جوارها، إلا ان القرب الجغرافي والتسابق الدولي يظلان مذكرين الدول العربية بأهمية القرن الإفريقي الجيوستراتيجية وبالمخاطر التي يمكن ان تمتد منه إليها، مهددة امنها القومي.([48])
ووفقاً لذلك يتفق البحث مع الطرح الذى يشير الى ان البحر الأحمر يلعب دوراً بارزاً في امن الدول المطلة عليه أي ” الأمن القومي العربي بصفة عامة، وامن البلاد العربية ” ” البحر الأحمرية ” أو البلاد الإفريقية التي تطل عليه بصفة خاصة، وهذه الدوائر الأمنية متصلة ومتداخلة ومركز ثقلها هو القرن الإفريقي. فطول ساحل القرن الإفريقي على البحر الأحمر يصل الى 538 ميلاً (ساحل أريتريا وجيبوتي) وطول ساحله على المحيط الهندي يصل 1950ميلا وبذلك تكون الصومال ثاني دولة أفريقية من حيث طول الساحل.([49])
ومن ثم يمكن اعتبار القرن الإفريقي ملتقى استراتيجياً إقليمياً ودولياً مهماً، تتقاطع فيه المصالح أحياناً، وتتناقض أحياناً أخرى.([50])
الأهمية الجيوبوليتيكية لإقليم ما ( كما هو الحال بالنسبة للقرن الإفريقي ) قد تكون مرتبطة الى حد كبير بالموقع الجغرافي للإقليم وقدرته في السيطرة أو التأثير على بحر من البحار الداخلية المهمة. أو يكون مكملا جغرافياً وتاريخياً لإقليم أو أقاليم جغرافية أخرى أو يكون مصدر حياة شعوب أو أقاليم جغرافية أخرى ذات أهمية سياسياً واقتصادياً، أو يكون مدخلا ومعبراً نحو أقاليم أخرى أو يكون مصدر حياة شعوب أو أقاليم مستهدفة لما لها من مكانة بالغة، وعليه فاذا ما توفرت للأقاليم بعض أو كل هذه الأبعاد اصبح ذلك الإقليم خاضعاً لمخططات الاستراتيجية العالمية، وهى بالطبع تتعارض ومصالح شعوب الإقليم. وتزداد خطورة في حالة كون الإقليم يضم في ثناياه عوامل الانفجار، خاصة اذا ما أثبتت القوى الإقليمية المحلية عجزها عن إيجاد الحلول لمشاكلها كما هو الحال في القرن الإفريقي، الذى يعانى من مشاكل ذات أبعاد تاريخية وقومية وثقافية.([51])
المبحث الثالث: النظام الإقليمي للقرن الإفريقي
تاريخياً يرتبط ظهور النظام الإقليمي بمجمل التطورات العلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والعسكرية في المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، في هذا الاطار ومع تبلور الأنظمة الإقليمية وبروز تأثيراتها علي المجتمع الدولي، بدا الاهتمام منذ الستينات والسبعينات بدراسة هذا المفهوم نظراً لأهمية التنظيمات الإقليمية وبروز تأثيراتها علي المجتمع الدولي، بدا الاهتمام منذ الستينات والسبعينات بدراسة هذا المفهوم نظراً لأهمية التنظيمات الإقليمية في مراقبة الأزمات وتطويعها وتحقيق الأمن والسلام الدوليين، وان الأنظمة الإقليمية في محدوديتها الجغرافية، ومحدودية تعقيداتها السياسية والاقتصادية، قد تكون أكثر فاعلية وقدرة علي الحركة خاصة اذا أخذنا التجارب العالمية كالتجربة الأوروبية التي كان النظام الإقليمي هو محور الصراع ولاحقاً أصبحت الإقليمية هي الحل لمشاكل أوروبا.([52])
سيتناول هذا المبحث التعريف بالنظام الإقليمي للقرن الإفريقي باعتباره نطاقاً جغرافياً فرعياً يقع ضمن اطار البيئة الخارجية التي يتشكل منها النظام الدولي، ويضم في حدوده مجموعة دول مستقلة، تجمع فيما بينها روابط مشتركة تقيم أساس تعاملها على الشعور بالتميز، في بعض الحالات يؤدى هذا التعامل الى التنافس، وقد يصل أحياناً الى الصراع. والمفترض ان يكون بين الدول المندرجة في نظام إقليمي واحد تعاملات وتفاعلات كثيفة بصورة تجعل التغير في جزء منه يؤثر في بقية الأجزاء.([53])
تعريف النظام الإقليمي :
تعنى كلمة ” نظام-System” مجموعة من الوحدات التي ترتبط فيما بينها بعلاقات وتعد بمثابة مرتكزات وتتميز العلاقات بين الوحدات بإمكانية الاتصال والتأثير المتبادل داخل الهيكل النظامي وقد عرفه تشالز ماكليلاند- Charles Maclellen على انه: ” بنية لها عناصر مرتبطة ومتفاعلة مع بعضها البعض ولها حدود تفصلها عن بيئتها ومحيطها “
أما هوفمان Hoffman فيعرفه على انه: ” نموذج العلاقات ما بين الدول القاعدية “.
في حين عرفه هولستى- Holsti على انه: ” مجموعة من الوحدات السياسية المتعلقة – سواء كانت قبائل أو دول أو إمبراطوريات- تتفاعل فيما بينها بانتظام وفقاً لمسالك مرتبة.
كذلك مصطلح نظام System لا يقتصر على مجال العلاقات الدولية أو حتى على العلوم السياسية فقط، فمورتون كابلان يقول: ” نستطيع تقنياً نعتبر كل سلسلة من المتغيرات نظاماً.([54])
وعموماً يمكن القول ان النظام في معناه العام أو في ابسط معانيه هو مجموعة من الوحدات التي ترتبط مع بعضها البعض حتى تشكل كلاً متماسكاً ومتفاعلاً يصعب تجزئته، حيث اذا حدث خللاً في جزء ينجم عنه اختلال كل الأجزاء.([55])
والنظام السياسي هو مجموعة تفاعلات، وشبكة معقدة من العلاقات الإنسانية تتضمن عناصر القوة أو السلطة أو الحكم، فهو لا يعدو كونه مفهوماً أو مركباً تحليلياً يستخدم لفهم الظاهرة السياسية أو لتسهيل عملية التحليل، فهو لا يوجد في شكل محدد في العالم الواقعي، وإنما هو بمثابة تطور يستخدمه الباحث لتحليل جوانب الظاهرة موضوع البحث.
النظام الإقليمي كوحدة تحليل متوسطة بين الدولة القومية من ناحية والنظام العالمي من ناحية أخرى، وهو يعنى ” نمط منتظم من التفاعلات بين وحدات سياسية مستقلة داخل إقليم جغرافي معين ” أي انه اطار تفاعلي مميز بين مجموعة من الدول، يفترض انه يتسم بنمطية وكثافة التفاعلات بما يجعل التغير في جزء منه يؤثر على بقية الأجزاء، وبما يؤدى أو يحمل ضمنياً اعترافاً داخليا وخارجياً بهذا النظام كنمط مميز، وهو مفهوم حديث تم تداوله في الستينات والسبعينات من القرن العشرين والأساس الذي استند عليه هو إقامة تنظيمات إقليمية ايسر وأكثر فاعلية من التنظيمات الدولية، وعليه يكون النظام الإقليمي أسلوب للمعارضة من التعامل بين الدول المختلفة التي تنتمي إلى إقليم واحد.([56])
وقد عرفه هاني ألياس الحديثي على انه: “مجموعة من الدول التي تنتمى الى إقليم واحد وتربطها عوامل المصلحة والولاء، بحيث تقدم أساس تعاملها الإقليمي على الشعور بالتميز والتكامل، في مجالات الأمن والاقتصاد فهو أسلوب للممارسة إذاً والتعامل بين الدول المختلفة التي تنتمى الى إقليم واحد.([57])
يعتبر النظام الإقليمي الوحدة التي تتوسط قومية الدولة من جهة والنظام العالمي من جهة أخرى، وتتعدد فيه مستويات التأثير، حيث يظهر تأثيره المباشر علي عملية اتخاذ القرارات السياسية الخارجية، وذلك علي أساس ان السياسة الخارجية تقوم بالتوفيق ما بين البيئة الداخلية والإقليمية، ووفقاً لما تقتضيه مصلحة الدولة القومية. وبالتالي يؤثر نشاط أي دولة علي سائر الدول الأعضاء في الإقليم، ويؤثر ذلك
علي طبيعة العلاقات لتتجه أما في منحي تصارعي أو تعاوني.([58])
أما بروس روسيت Brous Rousite فقد أعطى خمسة معايير لتعريف النظام الإقليمي تمثلت في ضرورة التجانس الثقافي والاجتماعي، التقارب الجغرافي، المواقف السياسية والسلوك الخارجي، المؤسسات السياسية، والاعتماد المتبادل الاقتصادي.
كما تعتبر السياسة الخارجية العنصر الأساسي للنظام الإقليمي، وهي التي تدعم تطوره ونموه بشكل مستقر أو العكس، والسياسة الخارجية لأي دولة من الدول تصاغ لدعم جهة حماية المصلحة القومية العليا للدولة، ومن ثم تنبثق الإشكالية لأي دولة في ظل أي نظام إقليمي، وهي مدي الموافقة ما بين مصلحة الدولة القومية والنظام الإقليمي الذي تعيش فيه هذه الدولة، ومدي حنكة الدولة في استخدام وسائلها الدبلوماسية والسياسية لمعالجة أي مشكلة تطرا لكي لا يتصاعد أي صراع أو نزاع.([59])
سيعتمد البحث المدلول السياسي للقرن الإفريقي أكثر من المدلول الجغرافي للمنطقة أي القرن الإفريقي الكبير، وهو بذلك يضم ثمانية دول كما أشارت الكاتبة سمية عبد القادر شيخ محمود شولي في دراسة لها بعنوان”موانئ القرن الإفريقي: ساحة جديدة للتنافس الدولي” نشرتها على مركز الجزيرة للدراسات في الحادي والعشرين من نوفمبر 2016م. وبذلك يتكون النظام الإقليمي من:
أولاً: أثيوبيا :
أثيوبيا دولة تقع فوق الهضاب في القرن الإفريقي، ويحدها من الشمال أريتريا، ومن الشمال الغربي السودان ومن الشرق جيبوتي والصومال، ومن الغرب جنوب السودان، ومن الجنوب الغربي كينيا. وتبلغ مساحة أثيوبيا حوالى1104300كلم2.
نهضت أثيوبيا في القرن العشرين كدولة، لا كأمة، فهي مجتمع تعددي يتميز بسيطرة أقلية ثقافية – الأمهرا التي لا تزيد عن 30% من السكان، والتي يرتبط بها مسيحيو تغراي الذين تبلغ نسبتهم 8% من السكان، في حين ان) الجالا( الاورومو يشكلون ما يزيد على 40% من السكان وبالتفاوت في توزيع الثروة والسلطة والامتياز، وبالاختلافات الحادة بين مختلف الجماعات والتي يطغى عليها الطابع الديني، والعرقي، واللغوي، والثقافي([60]).
الموارد الاقتصادية الأساسية: أثيوبيا من الدول الإفريقية النامية والتي تعانى من حالات الفقر الشديد، وذلك بسبب موجات القحط والجفاف التي تضرب البلاد بعض المواسم، ويعتمد اقتصادها على الزراعة حيث تعمل نسبة كبيرة من سكان أثيوبيا بالزراعة ويعد البن المحصول الرئيسي لأثيوبيا ومن اهم محاصيلها الزراعية أيضاً الذرة البيضاء والصفراء ويعد تربية الحيوان مورداً اقتصادياً أساسياً في أثيوبيا.
الملامح الأساسية للاقتصاد الأثيوبي:
تستخدم مؤشرات الاقتصاد الكلي في تقيم الوضع الاقتصادي بصورة إجمالية، ولقياس أداء القطاعات الاقتصادية الرئيسية المكونة لهذا النشاط وبما يساعد علي التنبؤ بالحالة الاقتصادية للدولة محل الدراسة علي الأقل في الأجل القصير.
وقد برزت في السنوات الأخيرة محاولات أثيوبية للنهوض الاقتصادي، أنتجت نمواً لافتاً ومستمراً للناتج المحلي الإجمالي، علاوة علي بروز سياسي عبر احتضان مجموعة من المنظمات الدولية والإقليمية الفاعلة في تكوين القرار الإفريقي.
بالإضافة إلى ذلك برزت مشكلة سد النهضة الأثيوبي، والذي يعتبر مقدمة لمجموعة من السدود التي تعتزم أثيوبيا تشيدها خلال الفترة المقبلة، وهو الذي يهدد استمرار تدفق مياه النيل الذى هو مصدر حياة الشعب المصري، انظر ملحق رقم (5) يوضح منبع النيل الازرق.
تتطور الناتج المحلي الإجمالي ومعدل النمو:
تزايد الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتزايد الناتج من 12مليار بير أثيوبي تقريبا في عام 2013م إلى 17,5مليار بير عام 2017م، ثم تزايده إلى 19 مليار بير عام2018-2019م وانعكس ذلك في صورة تحقيق معدلات نمو مرتفعة، حيث حقق الاقتصاد الأثيوبي معدل نمو سنوي بلغ 9,1% في المتوسط خلال الفترة 2014-2015م – 2018-2019م، وسجل معدل بلغ 9% في العام 2018-2019م، مقارنة بنسبة 7,7% العام السابق له. وطبقاً لتقرير أفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر 2018م، فان معدل نمو الاقتصاد الأثيوبي كان اعلي كثيراً من 3,1% وهو متوسط النمو المقدر لمجموعة دول أفريقيا الصحراوية. كما تشير بيانات الجدول كذلك إلى ان معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يعزي بشكل رئيسي إلى نمو11% في قطاع الخدمات، 3,8% في الزراعة و12,6% في القطاع الصناعي.([61])
النظام السياسي: تخضع أثيوبيا لنظام حكم جمهوري اتحادي يتكون من رئيس ورئيس وزراء يكونان السلطة التنفيذية، وسلطة تشريعية تتكون من مجلسين هما مجلس الاتحاد ومدة عضويته خمس سنوات، ومجلس نواب الشعب ومدة عضويته أيضاً خمس سنوات، وسلطة قضائية تعد المحكمة العليا أعلاها، ويتم تعين رئيسها ونائبه بناء على توصية من رئيس الوزراء ويتم اعتماد تعينهما من قبل مجلس نواب الشعب .
علاقات أثيوبيا بالعالم الخارجي:
تتمتع أثيوبيا بقدر من العلاقات الودية بينها وبين دول الجوار بل ودول العالم، ما عدا بعض الدول التي بينها وبين أثيوبيا بعض المشاحنات والمواجهات السياسية كارتريا والصومال، وتتلخص مشكلة أثيوبيا مع هاتين الدولتين بمشكلتي العرق والحدود حيث ان الدول الثلاث تتقاسم بعض المجموعات العرقية، فهناك مجموعات عرقية تسكن في كل من أثيوبيا والصومال. وهناك حدود مشتركة بين أريتريا وأثيوبيا من جهة وبين أثيوبيا والصومال من جهة أخرى، مما أدى الى نزاع حدودي بين أثيوبيا والصومال تحول الى مواجهات عسكرية كانت أولها 1964م، وثانيها حرب 1977م، وثالثها حرب 2006م والذى أدى الى اجتياح القوات الأثيوبية معظم الأراضي الصومالية من بينها العاصمة مقديشو، والتي تحررت من قبضة القوات الأثيوبية عام 2009م بعد مفاوضات جيبوتي وبعد مقاومة عنيفة واجهتها القوات الأثيوبية من قبل الحركات القبلية والإسلامية في الصومال، وكذلك نشبت حرب حدودية بين أريتريا وأثيوبيا في عام 1993م وفيما عدا هاتين الدولتين ومصر التي أساس خلافاتها مع أثيوبيا هو الاستفادة من مياه النيل على أساس عادل، ولم يصل الخلاف معها حتى الآن الى حد المواجهة العسكرية.([62])
وتتمتع أثيوبيا بانتماء وعضوية كل من: الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية مؤسسة التمويل الدولية، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، البنك الإفريقي للتنمية، العملية المختلطة للاتحاد الإفريقي فلى دارفور، مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ.
ثانياً: أرتيريا
تتميز دولة أرتيريا بالموقع الاستراتيجي حيث تقع في الجزء الشمالي الشرقي للقارة الإفريقية وتطل علي البحر الأحمر في شكل مستطيل تجاورها ثلاث دول أثيوبيا وجيبوتي والسودان، وهي عبارة عن مجموعة من الجزر تبلغ 126 جزيرة.
تبلغ مساحتها حوالي 121,320 كلم، لذا تصنف ضمن الدول صغيرة المساحة، يتباين المناخ الحار الجاف الصحراوي في المناطق المحاذية لأثيوبيا الي المناخ المعتدل الرطب في مناطق الجنوب الغربي. وقد انفصلت عن أثيوبيا عام 1993م مما جعلها تخوض حرباً طويلة من اجل الاستقلال.
يبلغ تعداد السكان حوالي 5,254,000نسمة والكثافة السكانية 34,3 للكلم2، بينما تبلغ نسبة الحضر 25,5% من حجم السكان وتتعدد فيها التركيبات اللغوية والدينية، تشكل الزراعة والرعي من اهم المناشط الاقتصادية ويبلغ حجم الناتج المحلي حوالي 4,468 بليون دولار، ومتوسط دخل الفرد السنوي 800 دولار وينتشر الفقر بين السكان بصورة كبيرة نتيجة لقلة الموارد ونقص الغذاء وتمثل اسمرا العاصمة القومية ويبلغ عدد سكانها 543,707 تليها مصوع وكرن وعدي قيح.([63])
الموارد الاقتصادية الأساسية:
تمتلك أرتيريا ثروة معدنية حيث اكتشف فيها النفط النحاس والبوتاسيوم والذهب والحديد والألمونيوم والفضة والنيكل. وتعد الزراعة في أريتريا مصدراً أساسياً من مصادر اقتصادها أذ أنها تملك أراضي زراعية واسعة إلا إنها لم تتجاوز المرحلة الزراعية البدائية، ومن اهم منتجاتها الزراعية: الذرة والقمح والشعير والطاف وهو نوع من الحبوب يخلط بالذرة لصنع الخبز الوطني، والبن والتبغ والقطن والفواكه المدارية.
النظام السياسي:
إن تقارير وتحليلات المحللين تشير الى ان النظام السياسي في أريتريا نظام حكم جمهورية الحزب الواحد، وهو نظام متجهم يحدد الحريات ولا يسمح بإنشاء أحزاب سياسية أخرى ولا بأجراء انتخابات، ويتكون هذا النظام من رئيس دولة هو الأول بعد الانفصال عن أثيوبيا، كما ان هناك دستور وسلطة تشريعية، وأخرى تنفيذية، وثالثة قضائية.
علاقات أريتريا بالعالم الخارجي:
إن علاقة أريتريا ببعض دول الجوار وبالغرب تتسم بالتوتر الى حد ما حيث ان هناك عدم ثقة بينها وبين الدول الأخرى فلها نزاع حدودي مع كل من أثيوبيا وجيبوتي واليمن من جهة البحر، بينما علاقاتها مع الغرب تتمحور حول انتهاك حقوق الإنسان وتحديد حريات المواطن الأريتيري. ومع ذلك فإن أريتريا تتمتع بانتماء وعضوية كل من: الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية، مؤسسة التمويل الدولية، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، البنك الإفريقي للتنمية، مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ.([64])
ثالثاً : أوغندا:
تقع أوغندا في شرق القارة الإفريقية، يحدها من الشمال جنوب السودان، ومن الشرق كينيا، ومن الغرب جمهورية الكنغو الديموقراطية، ومن الجنوب الغربي روندا، ومن الجنوب تنزانيا. وتبلغ مساحة أوغندا حوالى 236040كم2.
الموارد الاقتصادية :
يعتمد اقتصاد أوغندا على الزراعة لكونها بلداً زراعيا، ومن اهم محاصيلها الزراعية: الكسافا والبطاطا والذرة والدخن والأرز والشاي والقطن وقصب السكر، هذا الى جانب صيد الأسماك، حيث يوجد فيها بحيرة فكتوريا الشهيرة، وتربية الحيوانات، واستخراج بعض المعادن كالنحاس والقصدير وقطع الأخشاب الجيدة.
النظام السياسي:
يعتبر النظام السياسي القائم في أوغندا على انه نظام جمهوري يتكون من سلطة تنفيذية، وأخرى تشريعية، وثالثة قضائية .
علاقات أوغندا بالعالم الخارجي:
تنتمى أوغندا إلى المنظمات والاتحادات الآتية:
الأمم المتحدة الاتحاد الإفريقي دول الكومنولث منظمة التجارة العالمية منظمة التعاون الإسلامي البنك
الدولي للإنشاء والتعمير مؤسسة التنمية الدولية وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية البنك الإفريقي للتنمية مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ.
رابعاً: جيبوتي
تقع جيبوتي في القارة الإفريقية وتحديداً في الجهة الغربية من مضيق باب المندب، يحدها من الشمال أريتريا، ومن الجنوب أثيوبيا، ومن الجنوب الشرقي الصومال، ومن الشرق البحر الأحمر وخليج عدن ومن الغرب أثيوبيا، وتقع بين دائرتي العرض الشمالي 13,14وخط الطول الشرقي44ْ,41 ويبلغ طول ساحلها370 متراً وتبلغ مساحتها حوالى 23000كم2.
تتمتع جيبوتي بموقع استراتيجي فريد من نوعه على الساحل الغربي لخليج عدن، عند مدخل البحر الأحمر مما يجعلها همزة وصل بين القرن الإفريقي والعالم الغربي والمحيط الهندي والأوروبي عن طريق البحر الأحمر وقناة السويس.
هذا الموقع الاستراتيجي جر عليها أطماعاً متنوعة عبر الزمان من أجناس مختلفة مثل اليونان والرومان والعثمانيين والمصريين، أخيراً الاستعمار الفرنسي الذى سيطر عليها بعد مؤتمر برلين 1885م. وقد ازدادت أهمية جيبوتي بعد عام 2011في قضية الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر.([65])
الموارد الاقتصادية الأساسية:
لا تمتلك جيبوتي موارد طبيعية كثيرة إذ تقل فيها الأراضي الزراعية، أراضيها عبارة عن صحراء جرداء لا اثر للنباتات فيها، وان كانت تلك الصحراء تختلف من منطقة وأخرى فيها([66])، ولم يكتشف بعد نفط أو بترول مما يعنى ان ثروتها المعدنية قليلة أيضاً. ورغم ذلك فإنها تتمتع بوقع استراتيجي سمح لموانئها ان تكون المصدر الرئيسي لاقتصاد جيبوتي. وبالنسبة للصناعة فان جيبوتي تقوم بمشروعات صناعية صغيرة مثل منتجات الألبان وتعبئة المياه المعدنية والملح.
ملامح عامة عن الاقتصاد الجيبوتي :
بلغ الناتج المحلي الإجمالي في جيبوتي 619مليون دولار (2002م)، كما بلغ معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي 3,2(2005م)، وبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي 1000دولار (2005م)، وبلغ إجمالي الناتج المحلي حسب القطاعات التالي:
الزراعة 17,09%
الصناعة 22,5%
الخدمات 59,6(2005م)
معدل التضخم 3%(2005م)
السكان تحت خط الفقر50% (2005م)
بلغت قيمة إجمالي الصادرات 250 مليون دولار (2004م)
اهم الصادرات: إعادة تصدير الصلال، الجلود، البن، تجارة الترانزيت.
اهم أسواق التصدير: الصومال55%، اليمن19,5%، أثيوبيا 17,9% (2005م)
إجمالي الواردات 987مليون دولار (2004م)
اهم الدول التي تستورد منها: السعودية21,7%، الهند 18,5%، الصين 10%، أثيوبيا 4,8%، الولايات المتحدة 4,3%، اليابان 4,2%(2005م)
بلغ الدين الخارجي 394 مليون دولار(2004م)
وفقاً لما ذكر سابقاً شهد الاقتصاد الجيبوتي مؤخراً تطورات إيجابية ويرجع الفضل في ذلك إلى نمو الحركة الاقتصادية، وتحسن الأوضاع الداخلية والمناخ المحلي القائم نتيجة للجهود الكبيرة التي تبذله الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية ولإشراك القطاع الخاص في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى عزم الدولة وتصميمها المتواصل علي تطوير الاقتصاد وتحسين المستويات المعيشية من خلال تطبيقها لبرامج إصلاحات اقتصادية متتالية، لا سيما البرنامج الذي تناول الأعوام 1995-1999م والذي استطاع تخفيض نسبة التضخم في البلاد إلى اقل من 3% وخفض عجز الميزان التجاري تدريجياً من 17,9% إلى 12,6% خلال الفترة المشار إليها، إضافة إلى تقليل اعتماد جيبوتي علي المساعدات الخارجية، وتوزيع مصادر الدخل، وتحسين الحياة الاجتماعية.([67])
النظام السياسي :
النظام السياسي في جيبوتي هو نظام جمهوري يتكون من سلطة تنفيذية تتمثل في رئيس دولة ينتخبه الشعب ورئيس وزراء يعينه الرئيس، وتضم السلطة التنفيذية مجلس الوزراء، وسلطة تشريعية تتمثل في مجلس النواب، وسلطة قضائية تتمثل في المحكمة العليا التي تعد اعلى سلطة قضائية في البلاد.
علاقات جيبوتي بالعالم الخارجي :
إن الموقع الاستراتيجي لجيبوتي سمح لها أن تكون علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية مع العالم الخارجي، فهي تلعب دوراً كبيرا في حل النزاعات السياسية في الصومال إذ استضافت عدداً من المؤتمرات التي عقدت من اجل المصالحة الصومالية، الى جانب هذا فإن جيبوتي قد سمحت لأثيوبيا استخدام مينائها الحيوي وذلك بعد ان ساءت العلاقات بين أريتريا وأثيوبيا. بينما يوجد في جيبوتي قواعد عسكرية أجنبية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، الصين، اليابان، وتنوى السعودية إقامة قاعدة عسكرية لها في جيبوتي.
وتتمتع جيبوتي بالانتماء الى المنظمات والاتحادات الآتية:-
الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، جامعة الدول العربية، منظمة التجارة العالمية، منظمة التعاون الإسلامي، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، البنك الإفريقي للتنمية، العملية المختلطة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور، مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ، الصندوق العربي للأنماء الاقتصادي والاجتماعي، صندوق النقد العربي.
خامساً : جنوب السودان
يقع جنوب السودان في شمال شرق أفريقيا، يحده من الشمال السودان، ومن الجنوب أوغندا ومن الجنوب الشرقي كينيا، ومن الجنوب الغربي جمهورية الكنغو الديمقراطية، ومن الشرق أثيوبيا، ومن الغرب أفريقيا الوسطى. وتبلغ مساحة جنوب السودان 700,00كم2 تقريباً.
الموارد الاقتصادية الأساسية:
رغم كونها منطقة غنية بالموارد الطبيعية إلا ان جنوب السودان يعتمد على المساعدات الإنسانية الى حد كبير، ويعتبر البترول اهم صادرات جنوب السودان، ولكن زراعة الكفاف تعد مصدراً اقتصادياً رئيسياً للبلاد.([68])
النظام السياسي:
النظام السياسي في جنوب السودان هو النظام الجمهوري كغيره من معظم الأنظمة الإفريقية، والسلطة التنفيذية للنظام الجمهوري في جنوب السودان تتمثل في رئيس الدولة الذى يشغل أيضاً منصب
القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء.
علاقات جنوب السودان بالعالم الخارجي :
تتمتع جنوب السودان بانتماء وعضوية كل من: الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، جماعة شرق أفريقيا، الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، وفي يوليو 2012م، وقعت جنوب السودان لاتفاقيات جنيف .
سادساً: السودان:
يقع السودان في شمال شرق أفريقيا ويحتل موقعاً استراتيجياً في القارة هذا الموقع اكسب السودان ميزة فريدة باعتباره المعبر الرئيسي بين شمال أفريقيا وجنوبها، تجاوره سبع دول من الشرق أثيوبيا وأريتريا ومن الشمال مصر ليبيا ومن الغرب تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى ومن الجنوب دولة جنوب السودان فهو يقع بين دائرتي عرض 330ْو22ْشمالاً وخطي طول 22ْو(8320ْ ) شرقاً وتبلغ سواحل السودان علي البحر الأحمر (725) كلم. وهو ثالث اكبر بلد في أفريقيا وتبلغ مساحته حوالى (2506000)كلم2 تقريباً.([69])
انظر ملحق رقم (6) موقع السودان الاستراتيجي والدول المحيطة به وساحل البحر الاحمر.
الموارد الاقتصادية الأساسية:
السودان من الأقطار الشاسعة ذات الموارد الطبيعية المتنوعة كالأراضي الزراعية، والثروة الحيوانية والمعدنية، والغابات، والثروة السمكية والمياه العزبة. ويعتمد السودان اعتماداً رئيسياً على الزراعة حيث تمثل 80% من نشاط السكان فمياهه الوفيرة تساعد علي التنمية الزراعية إضافة الى الصناعة، خاصة الصناعات التي تعتمد على الزراعة، توجد بالسودان موارد مائية متعددة متمثلة في الأنهار والمجاري المائية المتنوعة إضافة إلى الأمطار والمياه الجوفية الوفيرة، كان النفط من اهم إنتاجات السودان الموحد إلا ان معظم الحقول أصبحت في الجنوب بينما أصبحت الموانئ ومنشئات التكرير والتصدير في السودان ويحيط الكثير من الخلافات حول حصة كل منهما.
يقدر تعداد السكان بحوالي 3894,000 ومعدل النمو السنوي 2,1% وتصل نسبة سكان الحضر 40% والفئة العمرية دون سن الـ 15سنة 41,4% والكثافة السكانية 18,2% وتعتبر اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد ويمثل الدين الإسلامي الديانة الأولي حيث تبلغ نسبة المسلمين 96%.( [70])
النظام السياسي :
النظام السياسي في السودان هو النظام الجمهوري، ويتكون النظام الجمهوري في السودان من سلطة تنفيذية تشمل ثلاثة مستويات في الحكم: فالمستوى الأول حكم مركزي رئاسي على راسه رئيس الجمهورية الذى يمثل راس الدولة ورئاسة الحكومة (مجلس الوزراء) في الوقت نفسه، مؤخراً حدثت تغيرات اصبح منصب رئيس الجمهورية ومنصب رئيس الوزراء مختلفين، المستوى الثاني حكم إقليمي يمثله ولاة الولايات والحكومات الولائية، والمستوى الثالث حكم محلى يتمثل في المحليات المختلفة بالولايات. أما السلطة التشريعية فتتمثل في برلمان مركزي يسمى المجلس التشريعي ثنائي المجلسين المجلس الوطني ومجلس الولايات، ومجالس تشريعية في الولايات. وأما السلطة القضائية فتتكون من المحكمة العليا في المركز وبعض الولايات ومحاكم الاستئناف ومحاكم عامة، ومحاكم ابتدائية يطلق عليها اسم المحاكم الجزئية من الدرجة الأولى والدرجة الثانية والدرجة الثالثة والمنتشرة في كافة الولايات المختلفة، ومحاكم شعبية تسمى محاكم بالمدن والأرياف تضم زعماء القبائل وتطبق العرف.([71])
قد عاني السودان كثيراً من الحروب منذ الاستقلال حيث نشطت حركات التمرد في جنوب السودان قبل الاستقلال 1955م التي انتهت بالانفصال في عام 2011م كما ظهرت مشكلة دارفور منذ العام 2003م، كما شهدت الساحة السياسية مؤخراً بعض الأحداث أفضت الي تغير النظام اثر ثورة شعبية عرفت بثورة ديسمبر 2019م.
علاقات السودان الخارجية:-
يتمتع السودان بعضوية كل م : الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، جامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية، البنك الإفريقي للتنمية، مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ، المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، صندوق النقد العربي.([72])
سابعاً: الصومال:
يقع الصومال في منطقة القرن الإفريقي في شرق أفريقيا .يحدها من الشمال خليج عدن ومن الشمال الغربي جيبوتي، ومن الشرق المحيط الهندي، ومن الغرب أثيوبيا، ومن الجنوب الغربي كينيا. وتبلغ
مساحتها حوالى 637657 كم2 تقريباً.
تنحصر جمهورية الصومال فيما بين دائرتي عرض (31ْ-1) جنوباً و(ْ12) شمالاً وخطي طول (1ْ4و5ْ1) شرقاً وبذلك تمتد الأراضي الصومالية متخذة شكل قرن، ومن هنا اطلق علي هذه المنطقة اسم القرن الإفريقي والذي يمتد علي طول الساحل الجنوبي لخليج عدن والساحل الشمالي الغربي للمحيط الهندي، ويمثل الصومال جزءاً من هذا القرن الإفريقي حيث يمتد من باب المندب في اتجاه الشرق حتي راس غردافوي، ومن هذا الراس حتي كامبوني جنوباً علي ساحل المحيط الهندي، فلذلك تطل الصومال علي جبهة بحرية طويلة يبلغ طولها (3400)كلم.
تأتي أهمية الصومال من كونه يشرف علي خليج عدن الاستراتيجي، كذلك علي اقصر الطرق البحرية بين الشرق والغرب، إضافة الي أشرافه علي مياه المحيط الهندي الأمر الذي جعل العديد من الدول تتكالب عليه من زمن طويل وحتي الآن.
يطل الصومال علي خليج عدن بجبهة بحرية طويلة يبلغ طولها (1200) كلم، ويطل علي المحيط الهندي بجبهة يبلغ طولها(2200)كلم.([73])
الموارد الاقتصادية الأساسية :
تتمتع الصومال بموقع جغرافي جيد كما إنها تملك أرضاً خصبة صالحة للزراعة إلا إنها بحاجة الى عمليات التحديث واستخدام التقنيات الحديثة في مجال الزراعة حيث ان القطاع الزراعي الصومالي يعد من اهم القطاعات الاقتصادية في الصومال شأنه في ذلك شأن الثروة الحيوانية. وعلى الرغم من الحروب الأهلية وموجات الجفاف والقحط التي ضربت البلاد استطاعت الصومال من تطوير القطاع التجاري وذلك بإنشاء شركات تحويل الأموال وشركات الاتصال مما ساعد في نمو الاقتصاد الصومالي في السنوات الأخيرة. ([74])
لم يتم تصنيف الصومال في مؤشر 2020م بسبب استمرار عدم توفر إحصاءات ذات صلة وقابلة للمقارنة في جميع جوانب الاقتصاد. علي الرغم من ان الصومال تفتقر إلى الحكم الوطني الفعال بسبب من العنف المستمر والاضطرابات السياسية واقتصادها غير الرسمي إلى حد كبير وان الحكومة المركزية تسيطر فقط علي جزء من البلد ورغم ذلك فهي قادرة علي العمل من خلال شركات التحويل/ تحويل الأموال والاتصالات، والنشاط الاقتصادي الرسمي يقتصر إلى حد كبير علي المناطق الحضرية مثل مقديشو وعدد قليل من العواصم الإقليمية .
لا تزال الحكومة مشتتة بسبب الخلافات المستمرة مع الدول الأعضاء الفيدرالية بشأن ترسيم السلطة، الناتج المحلي الإجمالي للصومال ومستويات المعيشة من بين ادني مستوى في العالم يعتمد الكثير من الصوماليون علي التحويلات من الخارج، الثروة الحيوانية، والزراعة، وصيد الأسماك([75]).
موقع الصومال المجاور لخليج عدن والساحل الطويل علي المحيط الهندي جعل الصومال حلقة وصل بين الأقطار المطلة علي البحر العربي والمحيط الهندي والظهير الإفريقي واصبح من اهم الأسباب التي أدت الي تمزق الصومال وفقدان وحدة أراضيه، في القرنين الماضيين سعت كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا للسيطرة علي الصومال أو جزء من أراضيه فكانت المنافسة بين الدول الثلاث سبباً في تمزيق الصومال، فاحتلت بريطانيا القسم الشمالي عام 1883م كي تشدد قبضتها وتحكم سيطرتها علي مدخل البحر، واحتلت فرنسا جمهورية جيبوتي عام 1884م لنفس الأسباب الاستراتيجية، كما احتلت إيطاليا الصومال الجنوبي عام 1936م، ظل الشعب الصومالي يناضل لفترة طويلة لنيل استقلاله ووحدة أراضيه حتي استقل في يونيو 1960م حيث تم إعلان الوحدة بين قسميه الشمالي الذي يسمي الصومال الإنجليزي والجنوبي الذي كان يسمي صوماليا أو الصومال الإيطالي.([76])
النظام السياسي الصومالي:
نظام الحكم في الصومال هو مزيج أنظمة سياسية أنتجتها الحالة السياسية الراهنة في الصومال فهو نظام جمهوري ائتلافي أو اتحأدى فيدرالي له حكومة مركزية وحكومات أقاليم. وتتكون الحكومة المركزية من سلطة تشريعية متمثلة في مجلسي النواب والشيوخ أو المجلس الأعلى للبرلمان، وسلطة تنفيذية تتكون من الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
الاستقرار في الصومال هش للغاية بسبب شراسة القاعدة العشائرية والتنافس داخل النخبة السياسية واستمرار نفوذ حركة شباب المجاهدين.
عدم وجود سلطة مركزية يجعل سيادة القانون مشتتة، مع اختلاف الملشيات والسلطات والقبائل يتم تطبيق اطر قانونية مختلفة الفقه الإسلامي التقليدي (الشريعة ) راسخة مستويات الفساد لا تزال مرتفعة، كما ان
الافتقار إلى الشفافية ومسك الدفاتر الرسمية يجعل من الإيرادات الحكومية عرضة للاختلاس([77]).
علاقات الصومال بالعالم الخارجي:
تتمتع الصومال بإنتماء وعضوية كل من :
الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، جامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية،مؤسسة التمويل الدولية، المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية، البنك الإفريقي للتنمية، مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، صندوق النقد العربي.
ثامناً: كينيا:
تقع كينيا علي جانبي خط الاستواء بين دائرتي عرض 4 شمالاً ومثلها جنوباً، وبين خطي طول (43ْو4ْ1)شرقاً، وتبلغ مساحتها حوالي (580167) كلم2 بما في ذلك مياه البحيرات الداخلية (بحيرة تركاكا وجزء من بحيرة فكتوريا)، أما مساحة الأراضي اليابسة لوحدها تساوي( 69137) كلم2.
تقع في القسم الشرقي من القارة الذي يعرف بهضبة البحيرات، ينصفها خط الاستواء الي خطين شبه متساويين، وتحدها من الغرب أوغندا ومن الجنوب جمهورية تنزانيا، أما من ناحية الشرق نصف حدودها مع الصومال والنصف الأخر يطل علي الساحل الهندي، أما حدودها الشمالية فنجدها مع أثيوبيا والسودان اهم المدن ( إلى جانب نيروبي العاصمة) مومبسا، قارسيا، مليندي.
تعتبر كينيا احدي اهم الدول المكونة للقرن الإفريقي علي الرغم من وجود بعض الكتاب الذين لا يصنفونها ضمن دول الإقليم، وتأتي ضمن نطاق الإقليم، لأنها تمثل اهم المرتكزات الخلفية للقرن الإفريقي. وبما إنها تعتبر الواجهة الخلفية للإقليم نجدها دائما تتأثر بالتفاعلات الداخلية والخارجية لدول المنطقة ككل شانها في ذلك شان السودان، ان منطقة القرن الإفريقي هي المنطقة التي ينتشر فيها الصوماليون، وان مناطق جارسيا واسيولو الكينية هي أيضاً يسكنها الصوماليون، وهذه المناطق تشكل نصف سكان كينيا وترتبط بالصومال أصالة وليس نيابة.
كينيا كانت تعرف في السابق بشرق أفريقيا البريطانية أعلنت محمية بريطانية عام 1895م بغرض حماية الطريق إلى أوغندا. وكانت قد عانت كثيراً من الاستعمار خاصة وان المستعمر عمل علي الاستيلاء علي الأراضي الزراعية الخصبة التي يمتلكها المواطنون وحولها للبيض، الأمر الذي جعلهم يدخلون في نضال طويل إلى ان نالوا استقلالهم عام1963م.([78])
الموارد الاقتصادية الأساسية:
إن مناخ كينيا هو مناخ استوائي، إلا أن الأحوال المناخية تتوقف على درجة العرض أو الارتفاع، فالمناطق الساحلية والسهول المجاورة لها مرتفعة الحرارة عالية الرطوبة، أما المناطق الجبلية فتنخفض حرارتها وتزداد أمطارها، ويقل المطر في اقصى الشمال، وتتحول المنطقة الى طراز شبه صحراوي، ويعيش معظم سكان كينيا في النطاق المرتفع، أو بالقرب من السواحل، ونتيجة لتنوع المناخ يتنوع النبات الطبيعي بين الصحراوي والغابات الاستوائية. فالمنطقة الساحلية وهى شريط ضيق من الأرض، على ساحل المحيط الهندي، تضم شواطئ جميلة وبحيرات ساحلية مالحة، ومستنقعات لنباتات المانجروف وأشجار جوز الهند والبلاذر الأمريكي، وقليلا من الغابات المطيرة الصغيرة. ومناخ هذه المنطقة حار ورطب طوال السنة والتربة خصبة في معظم أجزاء هذه المنطقة خاصة في الجنوب. وتقع مومباسا، ثاني أكبر مدن كينيا، وميناؤها الرئيسي على هذا الساحل. ومنطقة السهول هي من اقل المناطق سكاناً في كينيا، ولا توجد بها مدن أو قرى كبيرة. ويتكون سكانها من مجموعات من الرحل تجوب المنطقة، بحثاً عن المراعي والمياه لمواشيهم وذلك بسبب الجفاف الذى لا يساعد على قيام نشاط زراعي مكثف. وتغطى الغابات والحشائش معظم الأراضي المرتفعة. تضم المنطقة أكبر جزء من التربة الخصبة في كينيا، فخصوبة الأرض والمناخ المناسب للزراعة، يجعلان من الأراضي المرتفعة المنطقة الزراعية الرئيسية في كينيا.
أما السياحة في كينيا فتمثل نشاطاً اقتصادياً مهماً ويقوم آلاف السياح بزيارة كينيا كل سنة لمشاهدة الحيوانات البرية وتصويرها. تسهم السياحة في الاقتصاد الكيني بأكثر مما يسهم به أي نشاط اقتصادي أخر ماعدا إنتاج وبيع البن. ويزور كينيا أكثر من 500,000 سائح سنوياً، للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة للمنطقة الساحلية وخصوصاً لمشاهدة الحيوانات البرية وتصويرها أثناء الرحلات. ويزيد ما تدره السياحة على البلاد على 200 مليون دولار أمريكي سنوياً. كما يوفر النشاط السياحي فرص العمل لأكثر من40,000 كيني.([79])
ظل الاقتصاد الكيني مرناً في عام 2019م ونما بنسبة 5.4% مقارنة ب63% في عام 2018م
النظام السياسي:
النظام السياسي في كينيا هو نظام جمهوري على غرار معظم الأنظمة السياسية في أفريقيا، ويمثل رئيس الجمهورية راس هذا النظام الجمهوري.
علاقات كينيا بالعالم الخارجي:
تتمتع كينيا بانتماء وعضوية كل من: الأمم المتحدة، دول الكوممنولث، الاتحاد الإفريقي، منظمة التجارة العالمية، البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية، مؤسسة التمويل الدولية، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية، البنك الإفريقي للتنمية، العملية المختلطة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور، مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ.
تشير أخر الإحصاءات لعام 2011م حوالي 178,341,062نسمة وبمعدلات نمو سكاني متباينة، انفردت أثيوبيا باعلي تعداد سكاني 03,19%، وأدناها في الصومال 1,6% وتبرز أهمية تباين المعدلات السكانية وخطورته في هذه المنطقة وتأثيراته في مسالتي التعايش / الصراع حيث ينعكس ذلك علي الموارد الطبيعية والبشرية ومقدار الاستفادة منها.([80])
خلاصة
إن مدخل تحليل النظم واحد من المداخل النظرية التي ظهرت مع المدرسة السلوكية بعد الحرب العالمية الثانية، ويستمد قوته من خلال دراسة العلاقة بين النظام السياسي والبيئة المكونة له، ويفترض انه من السهل الفصل بين المتغيرات الأساسية داخل النظام والبيئة المحيطة به والتي تؤثر فيه ويؤثر فيها ويستند هذا التحليل علي دراسة تحليل المتغيرات للنظام السياسي والبني والوظائف والأدوار من خلال دراسة المدخلات والمخرجات.([81])
دراسة العلاقات الدولية لدول القرن الإفريقي امر في غاية الصعوبة والتعقيد، نظراً لتنوع أشكال هذه العلاقات من جهة فضلاً عن الطابع العام الذي يسيطر عليها ( تعاوني – صراعي)، وعلي تفاعلاتها من جهة ثانية، ثم ان مجرد التتبع التاريخي لمسار هذه العلاقات، من خلال رصدها فضلاً عن صعوبته لن يكون ذا فائدة كبري في عملية التنبؤ المستقبلي لشبكة العلاقات الدولية لهذه الدول باعتبار التغير في أنظمة الحكم وفي التوجهات وفي العلاقات الإقليمية والدولية من جهة ثالثة.([82])
هذه العلاقة بين المتغيرات وربطها بالدولة ودراسة الديناميكيات الموجودة فيها هو ما حاول ديفيد أسيتون تقديمه من خلال تحديد الأنماط والعلاقات المترابطة والمتداخلة والموجودة في المجتمع ويستند هذا التحليل في تحديد شكل العلاقة بين النظام السياسي والبيئة المحيطة ويمكن التعبير عن ذلك بصيغة أخرى وهي كيف تقوم الجماعات السياسية في المجتمع المعين بتجميع المطالب والتفصيلات المختلفة لأفراد المجتمع والتعبير عنها للنظام السياسي وطريقة استجابة النظام لهذه المطالب من اجل كسب التأييد، يري البحث ان فشل العلاقة بين المتغيرات والمكونات السياسية للنظام السياسي هو ما أدى الي قيام نزاعات وصراعات في العديد من الدول، كتعبير سلبي في العلاقة بين النظام والبيئة المحيطة وعليه يفترض البحث ان هذا المدخل يصل لان يكون واحداً من المداخل المهمة لدراسة النزاعات والصراعات المسلحة الانفصالية في دول القرن الإفريقي، وقد أدت هذه النزاعات والحروب للتأثير علي بنية الدولة، وهياكلها ووظيفتها وأدوارها في المجتمع.
(*) د. محمود صلاح جاويش
أكاديمي سوداني، دكتوراه الفلسفة في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، باحث بمركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث، عضو الجمعية السودانية للعلوم السياسية، عضو اللجنة القومية لجمع السلاح- السودان 2018م
[1] – نوار جليل هاشم ، محمد كاظم عباس ، ما بين الجيوبولتيك والجيوستراتيجية دراسة في اختلاف المفاهيم ، المجلة الأكاديمية للبحوث القانونية والسياسية ، العدد الثاني ، العراق ، يوليو 2020م ، ص، 435
[2] – عبدالله الفاتح ، القرن الإفريقي لعبة المصالح الدولية وحسابات دول المنطقة ، التقرير الأسبوعي رقم 15،الجزء الأول يناير 2018م
[3] – رافت صلاح الدين، الأهمية الجيوستراتيجية للقرن الإفريقي ، مجلة البيان العدد 378، نوفمبر ، 2018م
[4] – فراس عباس هاشم ،المتغير الجيوبوليتيكي ومحركاته الدافعة في بناء التحرك السعودي تجاه القرن الإفريقي ، مجلة العلوم السياسية والقانون – العدد13- المجلد3 (المركز الديموقراطي العربي برلين –ألمانيا) ، يناير 2019م.
[5] – عبد المنعم ابو ادريس على ، مدخل الى القرن الإفريقي ” القبيلة والسياسة … الصومال ، أثيوبيا، أريتريا ، جيبوتي “ ، العربي للنشر ، الدوحة – قطر ،2019م ، ص 13.
[6] – عبدالرازق علي عثمان ، القرن الإفريقي – التاريخ والجيوبوليتيك ، جامعة قطر – مركز الوثائق والدراسات الإنسانية ، بدون تاريخ ، ص ،366)
[7] – مغريش عادل ، النزاعات في منطقة القرن الإفريقي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ( مع التركيز علي السودان والصومال )، رسالة ماجستير منشورة ، جامعة الجزائر ، 2009- 2010م ، ص 47) .
[8] – محمد تاج عبدالرحمن العروسي ، القرن الإفريقي وتنافس الدول الكبرى عليه ، مجلة القرن الإفريقي ، العدد الأول ، مركز القرن الإفريقي للدراسات التاريخية ، اغسطس 2020م ، ص ، 13- 14
[9] – صلاح الدين عبدالرحمن الدومة، امن القرن الإفريقي ، مطبعة جي تاون ، الخرطوم ، الطبعة الأولي 2005م، ص، 14
[10] – محمد تاج عبد الرحمن العروسي ، مرجع سبق ذكره ، ص ،14
[11] – صلاح الدين عبد الرحمن الدومة ، امن القرن الإفريقي ، ص19
[12] – http :\\ www.m. al – tagheer.com علي حسن الخولاني ، تحديد أهمية القرن الإفريقي ، يناير 2015م
[13] – مغريش عادل ، مرجع سبق ذكره ، ص ،50
[14] – صلاح الدين عبدالرحمن الدومة ، امن القرن الإفريقي ، ص15
[15] – عبد الرازق علي عثمان ، مرجع سبق ذكره ، ص 366-367
[16] – علي حسن الخولاني ، تحديد أهمية القرن الإفريقي ، يناير 2015م http :\\ www.m. al – tagheer.com
[17] – عبد الوهاب بن حليف ، البناء الاجتماعي والثقافي في أفريقيا تجاذبات القبيلة والدولة ، المجلة الجزائرية للسياسات العامة ، العدد 3 فبراير 2014م
[18] – عبد الودود ولد اشفع ، القبيلة والدولة في أفريقيا ، ترجمة محمد بابا ولد اشفغ ، الناشرون (الدار العربية للعلوم، مركز الجزيرة للدراسات )، الدوحة – قطر،2013،ص، 34
[19] – سعيد علي كوزي ، التحليل الجيوستراتيجي للقرن الإفريقي ، ص ، 14
[20] – صلاح الدين عبدالرحمن الدومة ، امن القرن الإفريقي ، ص، 26-27.
[21] – عبدالله الفاتح ، القرن الإفريقي لعبة المصالح الدولية وحسابات دول المنطقة ، التقرير الأسبوعي رقم 15 الجزء الأول ، يناير 2018م ، ص ، 36
[22] – ادم موسي واخرون، القرن الافريقي: التاريخ والحاضر ورؤى المستقبل، مركز التنوير المعرفي/السودان، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات/قطر، ب ت ، ص، 170
[23] – محمد تاج عبدالرحمن العروسي ، مرجع سبق ذكره ، ص ، 38
[24] – عبد الرازق علي عثمان، مرجع سبق ذكره ، ص،372
[25] – صلاح الدين عبدالرحمن الدومة ، مرجع سبق ذكره ، ص 23
[26] – عبد الرازق علي عثمان ، مرجع سبق ذكره ، ص 373
[27] – الأمين عبد الرازق ادم ، جيبوتي الأهمية الاستراتيجية والعلاقات بدول الجوار ، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة، الخرطوم، 2011م، ص،73
[28] – صلاح الدين عبدالرحمن الدومة ، مرجع سبق ذكره ، ص 24
[29] – مصطفي كامل محمد السيد ، ندوة بعنوان :” التطورات في منطقة القرن الإفريقي وامن البحر الأحمر ، المجلس المصري للشؤون الخارجية والجامعة البريطانية بمصر ، يوليو ،2019م
[30] – محمد زيب منصور ، مرجع سبق ذكره ، ص 52
[31] – مصعب عبد القادر وداعة الله ، اتجاهات الوحدة والتكامل بين دول القرن الإفريقي ، ص ،40
[32] – الأمين عبد الرازق ، جيبوتي الأهمية الاستراتيجية ،ص 51
[33] -أماني الطويل وأخرون، العرب والقرن الإفريقي جدلية الجوار والانتماء، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، الدوحة – قطر ، 2013م ، ص 319
[34] – الأمين عبد الرازق ادم ، جيبوتي الأهمية الاستراتيجية ، ص 7
[35] – أماني الطويل وآخرون، العرب والقرن الإفريقي جدلية الجوار والانتماء، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، الدوحة – قطر، 2013م ،ص،319
[36] – إجلال محمود رافت، وإبراهيم احمد نصرالدين ، القرن الإفريقي المتغيرات الداخلية والصراعات الدولية ، دار النهضة العربية للنشر ، القاهرة ،1985م ،ص، 118
[37] – عبد الرازق علي عثمان ، مرجع سبق ذكره، ص ، 391
[38] – قاسم محمد عبيد ، إسراء رشيد عبد الله ، المتغيرات الداخلية المؤثرة في الاستراتيجية الأمريكية تجاه القرن الإفريقي بعد2001م.
[39] – عبدالمنعم أبو إدريس على ،ص25
[40] – عبد الله حمدوك وأخرون ، العرب و القرن الإفريقي الجوار وجدلية الانتماء ، مرجع سبق ذكره ، ص ،434.
[41] – علي حسن الخولاني ، تحديد أهمية القرن الإفريقي ، يناير 2015م http :\\ www.m. al – tagheer.com.
[42] – إجلال رأفت وأخرون ، العرب والقرن الإفريقي ، مرجع سبق ذكره ، ص، 215
[43] – عبد القادر العلي ، مضيق باب المندب بين الأهمية الاستراتيجية وتصاعد حدة التهديدات الأمنية ، مجلة افاق علمية ، العدد3، سنة 2019م ، ص 112-121
[44] – الصادق عبدالله ، الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر وتأثيرها علي الأمن الوطني السوداني ، المركز الدولي لاستشراف المستقبل ، ديسمبر 2017م ، ص 2
[45] – الهام الحدابي ، البحر الأحمر صرع النفوذ هل يتحول الي حرب إقليمية ؟ ، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات ، أوراق سياسية 38، ص 7
[46] – عبدالله عبد المحسن السلطان ، البحر الأحمر والصراع العربي الإسرائيلي ( التنافس بين استراتيجيتين )، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1988م، ص15
[47] – الهام الحابي ، مرجع سبق ذكره ، ص 9
[48] – إجلال رأفت وأخرون ، العرب والقرن الإفريقي ، مرجع سبق ذكره ، ص208
[49] – عبد الرازق علي عثمان ، مرجع سبق ذكره ،ص 391
[50] – إجلال رأفت وأخرون ، نفس المرجع ، ص208
[51] – عبد الرازق علي عثمان ، مرجع سبق ذكره ،ص 389- 390
[52] – فاطمة عمر العاقب وأخرون ، القرن الإفريقي التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل ، مركز التنوير المعرفي – السودان ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات- قطر ، ص ،73-74
[53] – الموسوعة السياسية، Political Encyclopedia ، النظام الإقليمي في العلاقات الدولية
[54] – محمد السعيد إدريس ، تحليل النظم الإقليمية ،ص ،16
[55] – الموسوعة السياسية ،Political Encyclopedia ، النظام الإقليمي في العلاقات الدولية
[56] – فاطمة عمر العاقب ،النظام الإقليمي لمنطقة القرن الإفريقي ،ص 70
[57] – الموسوعة السياسية ،Political Encyclopedia ، النظام الإقليمي في العلاقات الدولية
[58] – فاطمة عمر العاقب ،النظام الإقليمي لمنطقة القرن الإفريقي ، ص 70
[59] – فاطمة عمر العاقب ، نفس المرجع ، ص ، 71
[60] – إجلال محمود رافت ، إبراهيم احمد نصر الدين ، القرن الإفريقي المتغيرات الداخلية والصراعات الدولية ،ص، 56
[61] – احمد ذكر الله ، الاقتصاد الأثيوبي ، محاضرة On Line ، دبلوم الخليج والقرن الإفريقي، أكاديمية العلاقات الدولية، استانبول – تركيا ، ديسمبر2020م
[62] – عمر محمد معلم ، دول القرن الإفريقي – دراسات في النظام الإقليمي ، 12\ ديسمبر 2017م magadishu center http://www
[63] – الصديق محمد مضوي ، العلاقات السودانية الأريتيرية ، مركز الراصد للدراسات – الخرطوم ،2005م، ص ،5
[64] – الصديق محمد مضوي ، مرجع سبق ذكره ، ص ،6
[65] – الأمين عبد الرازق ادم ، جيبوتي الأهمية الاستراتيجية ، ص 77-87
[66] – حمدي الطاهري ، جيبوتي وامن البحر الأحمر ، القاهرة 1977م ، ص ، 36
[67] – الأمين عبد الرازق ادم ، جيبوتي الأهمية الاستراتيجية والعلاقات بدول الجوار ، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة ، الخرطوم ، 2011م ، ص ، 94
[68] – عمر محمد معلم ، دول القرن الإفريقي – دراسات في النظام الإقليمي ، 12\ ديسمبر 2017م magadishu center http://www
[69] – سعيد علي كوزي ، التحليل الجيوستراتيجي للقرن الإفريقي ،ص 16
[70] – الياقوت عيسي مصطفي وأخرون ، القرن الإفريقي التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل ، كتاب رقم 2 ، مركز التنوير المعرفي – السودان ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – قطر، بدون تاريخ ، ص ، 295) .
[71] – عمر محمد معلم ، دول القرن الإفريقي – دراسات في النظام الإقليمي ، 12\ ديسمبر 2017م magadishu center http://www
[72] – magadishu center http://www عمر محمد معلم ، دول القرن الإفريقي – دراسات في النظام الإقليمي ، 12\ ديسمبر 2017م
[73] – سعيد علي كوزي وأخرون، القرن الإفريقي التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل ، مرجع سبق ذكره ، ص ، 20
[74] – magadishu center http://www. عمر محمد معلم ، دول القرن الإفريقي – دراسات في النظام الإقليمي ، 12\ ديسمبر 2017م
[75] – احمد ذكر الله ، الاقتصاد الصومالي ، محاضرة On Line ، دبلوم الخليج والقرن الإفريقي ، أكاديمية العلاقات الدولية – جامعة صباح الدين زعيم ، استانبول – تركيا ، ديسمبر2020م
[76] – سعيد علي كوزي وأخرون، ، مرجع سبق ذكره ، ص ، 20
[77] – magadishu center http://www عمر محمد معلم ، دول القرن الإفريقي – دراسات في النظام الإقليمي ، 12\ ديسمبر 2017م.
[78] – سعيد علي كوزي وأخرون، ، مرجع سبق ذكره ، ص ، 22
[79] -(magadishu center http://www عمر محمد معلم ، دول القرن الإفريقي – دراسات في النظام الإقليمي ، 12\ ديسمبر 2017م
[80] – عزيزة محمد ادم وأخرون ، القرن الإفريقي التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل ، مرجع سبق ذكره ، ص ، 108
[81] – نصر محمد عارف، نظريات السياسة المقارنة ومنهجية دراسة النظم السياسية العربية: مقاربة ابستمولوجية، ليزبرج، (جامعة العلوم الإسلامية، فرجينيا، 1998م)، ص 251
[82] – إبراهيم احمد نصر الدين، العلاقات الدولية الإفريقية، ص، 145